الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الجواب عن قوله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم ) [ ص: 385 ] [ الإسراء : 36 ] . فهو عائد عليهم في إلحاقه بالجماعة ، فلم يكن لهم دليل .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن قوله تعالى : في أي صورة ما شاء ركبك ، [ الانفطار : 8 ] . فهو : أنه يراد به فيما شاء من شبه أعمامه ، وأخواله ، وأما الجواب عن قوله تعالى : أفحكم الجاهلية يبغون [ المائدة : 50 ] . فهو : أن ما ورد به الشرع ، لا ينسب إلى حكم الجاهلية ، وإن وافقه ، وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم : " لعل عرقا نزعه " فهو أنه دال على اعتبار الشبه ، لأنه علل بنزوع العرق الأول .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن حديث العجلاني : فهو ما جعلناه دليلا منه ، وأما الجواب عن اختصاص قوم به ، وتعذر معاطاته ، وتعلمه : فهو أنه ليس يمتنع ، أن يكون في العلوم ، ما يستفاد بالطبع دون التعلم كقول الشاعر :


                                                                                                                                            إن لم يستفده الإنسان طبعا تعذر أن يقوله بتعلم واكتساب

                                                                                                                                            ولا يمتـنع أن تكون صناعة الشعر علما ، كذلك القيافة .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن قوله : " الولد للفراش " فهو أن الفراش عند أبي حنيفة الزوجة ، وعندنا من يجوز أن يلحق ولدها ، ولا يجوز أن تكون المرأة ذات زوجين ، فلم يجز عندهم أن تكون لاثنين ، وعندنا لا يجوز أن يلحق ولدها إلا بواحد ، فلم يكن فراشا إلا لواحد .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن استدلالهم بامتناع القيافة في البهائم ، فهو أن المقصود بإلحاق البهائم الملك ، واليد أقوى ، فاستغني به عن القيافة ، والمقصود في الآدميين النسب ، واليد لا تأثير لها ، فاحتيج فيه إلى القيافة .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن قصة عمر رضي الله عنه في إلحاق الولد باثنين ، فهو : أن الرواية اختلفت في هذه القصة ، فروى الشافعي في كتاب " الأم " عن ابن عياض ، عن هشام ، عن أبيه ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، أن رجلين تداعيا ولدا ، فدعا عمر رضي الله عنه القافة ، فقالوا : قد اشتركا فيه ، فقال عمر : وإلى أيهما يثبت ؟ ويروى أنه دعا عجائز من قريش ، فقلن : إن الأول وطئها ، فعلقت منه ، ثم حاضت فاستحشف الولد ، ثم وطئها الثاني فانتعش بمائة ، فأخذ شبها منهما ، فقال عمر : " الله أكبر " وألحق الولد بالأقرب ، وإذا تعارضت فيها الروايات المختلفة ، سقط تعلقهم بها وكانت دليلا لنا لاجتماعهم فيها على استعمال القافة ، واستخبارهم عن إلحاق الولد .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن قياسهم على إلحاقه بأبويه مع انتقاضه بدعوى المسلم والكافر ، فهو أن الأب والأم هما مشتركان في وطء واحد ، فلحق الولد بهما والرجلان لا يشتركان في وطء واحد ، فلم يلحق الولد بهما .

                                                                                                                                            [ ص: 386 ] وأما الجواب عن استدلالهم بالولاء تعليلا بالتوارث بها ، فليست الأنساب معتبرة بالتوارث ، لثبوت الأنساب مع عدم التوارث بالرق ، واختلاف الدين ، ثم المعنى في الولاء حدوثه عن ملك ، لا يمتنع فيه الاشتراك ، وحدوث النسب عن وطء واحد ، يمتنع فيه الاشتراك .

                                                                                                                                            وأما الجواب عن استدلالهم ، بأنه لما لحق بذكر وأنثى ، لحق بذكرين وأنثى ، فقد تقدم بما ذكرناه من امتناعه أن يخلق من ماء بعد ماء ، من واحد أو اثنين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية