الثالثة : إذا اشترى الوكيل بثمن معين ، طالبه به البائع ، إن كان في يده ، وإلا فلا . وإن اشترى في الذمة ، فإن كان الموكل قد سلم إليه ما يصرفه في الثمن ، طالبه البائع ، وإلا فإن أنكر البائع كونه وكيلا ، أو قال : لا أدري ، هل هو وكيل ، أم لا ؟ طالبه به . وإن اعترف بوكالته ، فهل يطالب به الموكل فقط ؟ أم الوكيل فقط ؟ أم يطالب أيهما شاء ؟ فيه أوجه . أصحها : الثالث . فإن قلنا بالثاني ، فهل للوكيل مطالبة الموكل قبل أن يغرم ؟ فيه وجهان .
أصحهما : المنع . وإذا غرم الوكيل للبائع ، رجع على الموكل ، ولا يشترط لثبوت الرجوع اشتراط الرجوع على المذهب . وإذا قلنا بالثالث ، فالوكيل كالضامن ، والموكل كالمضمون عنه ، فيرجع الوكيل إذا غرم . والقول في اعتبار شرط الرجوع ، وفي أنه هل يطالبه بتخليصه قبل الغرم ، كما سبق في الضمان .
وفرع ابن سريج على الأوجه فقال : لو سلم دراهم إلى الوكيل ليصرفها إلى الثمن الملتزم في الذمة ، ففعل ، ثم ردها البائع بعيب ، فإن قلنا بالوجه الأول أو الثالث ، لزم الوكيل تلك الدراهم بأعيانها إلى الموكل ، وليس له إمساكها ودفع بدلها . وإن قلنا بالثاني ، فله ذلك ؛ لأن ما دفعه الموكل إليه على هذا الوجه ، أقرضه إياه ليبرئ ذمته . فإن عاد ، فهو ملكه . وللمستقرض إمساك ما استقرضه ورد مثله . ولك أن تقول : لا خلاف أن للوكيل أن يرجع على الموكل في الجملة ، وإنما الكلام في أنه متى يرجع ؟ وبأي [ ص: 328 ] شيء يرجع ؟ فإذا كان كذلك ، اتجه أن يكون تسليم الدراهم دفعا لمؤنة التراجع ، لا إقراضا .