الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو كان داخلا فيها فحلف أن لا يخرج فقام في مقام يكون الباب بينه وبين الدار إذا أغلقت حنث ; لأن الخروج انفصال من الداخل إلى الخارج ، وقد وجد ذلك حين وصل إلى هذا الموضع ، وإن أخرج إحدى رجليه لم يحنث ، وكذلك إن حلف أن لا يدخلها فأدخل إحدى رجليه لم يحنث ; لأن قيامه بالرجلين فلا يكون بأحدهما خارجا ولا داخلا ، ألا ترى { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وعد أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه أن يعلمه سورة ليس في التوراة ولا في الإنجيل مثلها قبل أن يخرج من المسجد ، فعلمه بعد ما أخرج إحدى رجليه } ، ولم يكن مخالفا لوعده . من أصحابنا من يقول : هذا إذا كان الداخل والخارج مستويان ، فإن كان الداخل أسفل من الخارج فبإدخال إحدى الرجلين يصير داخلا ; لأن عامة بدنه تمايل إلى الداخل ، وإن كان الخارج أسفل من الداخل فبإخراج إحدى الرجلين يصير خارجا لهذا المعنى ، والأول أصح ; لأنه لم يوجد شرط الحنث حقيقة ، فلا يحنث ، واعتبار إحدى الرجلين يوجب أن يكون حانثا ، والرجل الأخرى تمنع من ذلك فلا يحنث بالشك ، وإن دخل من حائط لها حتى قام على سطح من سطوحها ، فقد دخلها ; لما بينا أن السطح مما أدير عليه الحائط فالداخل إليه يكون داخلا فيها ، ولو دخل بيتا من تلك الدار قد شرع السكة حنث ; لأنه مما أدير عليه الحائط ، وهذا إذا كان لذلك البيت باب في الدار وباب في السكة ، وإن دخل في علوها على الطريق الأعظم ، أو دخل [ ص: 173 ] كنيفا منها شارعا إلى الطريق حنث ، وهذا إذا كانت مفتحة في الدار ; لأنه من حجر الدار ومرافقه ، فالداخل إليه لا يكون خارجا من الدار ، وإذا لم يكن خارجا كان داخلا في الدار . والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .

التالي السابق


الخدمات العلمية