الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن حلف لا يأكل تمرا ، فأكل قسبا لم يحنث ; لأن القسب يابس البسر ، ولو أكله رطبا لم يحنث ، فكذلك إذا أكله يابسا ، وكذلك إن أكل بسرا مطبوخا ، وإن حلف لا يأكل حبا ، فأي حب أكل من سمسم أو غيره حنث ; لأن كل شيء يقع عليه اسم الحب مما يأكله الناس ، فهو داخل في يمينه باعتبار العادة ، إلا أن ينوي شيئا بعينه ، فيكون على ما نوى بينه وبين الله تعالى وكل شيء يؤكل ويشرب كالسويق والعسل واللبن ، فإن عقد اليمين على أكله ، لم يحنث بشربه ، وإن عقد على شربه لم يحنث بأكله ; لأنهما فعلان مختلفان ، وإن كان المحل واحدا ، وشرط حنثه الفعل دون المحل ، وإن حلف لا يأكل خبزا ، فأكل خبز حنطة أو شعير حنث ; لأنه خبز حقيقة وعرفا ، وإن أكل من خبز غيرهما لم يحنث ، إلا أن ينويه ; لأنه لا يسمى خبزا [ ص: 186 ] مطلقا ، ولا يؤكل ذلك عادة في عامة الأمصار ، وإن أكل خبز قطائف لم يحنث ، إلا أن يكون نواه ; لأنه يسمى خبزا مطلقا ، وإنما يسمى قطائف ، وإن نواه فالمنوي من محتملات لفظه ; لأنه نوى خبزا مقيدا ، وإن أكل خبز الأرز ، فإن كان من أهل بلد ذلك طعامهم كأهل طبرستان فهو حانث ، فأما في ديارنا لا يحنث ; لأن أكل خبز الأرز غير معتاد في ديارنا ، ولا يسمى خبزا مطلقا ، وإن حلف لا يأكل تمرا ، فأكل حيسا حنث ; لأن هذا هو التمر بعينه ، لم يغلب عليه غيره ، فإن الحيس تمر ينقع في اللبن حتى ينتفخ فيؤكل .

التالي السابق


الخدمات العلمية