الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المأذون لا يكون مأذونا قبل العلم به إلا في مسألة ما إذا قال بايعوا عبدي فإني أذنت له فبايعوه وهو لا يعلم صار مأذونا ، بخلاف قوله بايعوا ابني الصغير لا يصح الإذن للآبق والمغصوب المجحود ولا بينة ، ولا يصير محجورا بما على الصحيح أشباه وفي الوهبانية : ولو أذن القاضي لطفل وقد أبى أبوه يصح الإذن منه فيتجر      [ ص: 177 ] وضمن يعقوب الصغير وديعة
وتحليفه يفتى به حيث ينكر     ولو رهن المحجور أو باع أو شرى
وجوزه المولى فما يتغير لتوقف تصرف المحجور على الإجازة فلو لم يجز بل أذن له في التجارة فأجازها العبد جاز استحسانا ولو لم يأذن له فأعتقه فأجازها لم تصح إجازته قال وكذا الصبي المميز .

قلت : ولا يخفى أن ما هو تبرع ابتداء ضار فلا يصح بإذن ولي الصغير كالقرض انتهى ، والله أعلم .

التالي السابق


( قوله إلا في مسألة إلخ ) حاصله أن اشتراط العلم إذا كان الإذن قصديا فلو ضمنيا كهذه جاز بدونه ونقل البيري عن الولوالجية أنه لا يصير مأذونا قال فصار فيه روايتان ( قوله فبايعوه وهو لا يعلم صار مأذونا ) فكان له أن يبايع غيرهم ، ولو لم يبايعوه بل بايعه قوم آخرون لا تصح مبايعتهم ولا يصير مأذونا ; لأن الإذن ثبت في ضمن مبايعة الذين أمرهم فلا يثبت الإذن قبلها تتارخانية ، وبه يظهر كون الإذن فيها ضمنيا وإن قال فإني أذنت له فتدبر ( قوله بخلاف قوله بايعوا ابني الصغير ) لم يظهر لي وجه الفرق فلينظر حموي .

قلت : وعلى الرواية الثانية لا فرق وفي شرح تنوير الأذهان عن الزيادات لو قال بع عبدك من ابني الصغير بألف فباعه بها إن علم الابن أمر الأب جاز وإلا فلا ، وفي بعض الروايات : جاز مطلقا ، وحمل بعض المشايخ الأول على القياس ، والثاني على الاستحسان وبعضهم قال على الروايتين .

والحاصل : أن الإذن بالتصرف لو ثبت مقصودا يشترط له علم المأذون ولو ثبت ضمنا لغيره ، فقيل فيه قياس واستحسان ، وقيل روايتان . ومن المشايخ من قال لا فرق بينهما وهو الظاهر ا هـ ملخصا . قال أبو السعود : وهو صريح في رد المخالفة التي ذكرها المصنف بقوله بخلاف ما إذا قال بايعوا ابني الصغير ا هـ وأقره شيخنا هبة الله البعلي في شرحه على الأشباه ( قوله لا يصح الإذن للآبق ) عللوا عدم انحجار العبد بالإباق على قول زفر بأنه لا ينافي ابتداء الإذن ، وعليه مشى في فن القواعد من الأشباه فقال : الإذن له صحيح ، لكن قال الزيلعي لنا أن نمنعه ; لأن الإباق يمنع الابتداء على ما ذكره شيخ الإسلام ، وذكر في شرح المجمع أنه محمول على اختلاف الرواية ، وذكر في العناية إن علم به كان مأذونا ( قوله المجحود ولا بينة ) أي تشهد بالغصب وفي الخانية أذن للآبق لا يصح وإن علم الآبق ، وإن أذن له في التجارة مع من كان العبد في يده صح وإن أذن للمغصوب أن الغاصب مقرا أو عليه بينة صح ، وإلا فلا ; لأنه لو باعه في هذا الوجه جاز بيعه فجاز إذنه ( قوله على الصحيح ) في الخانية العبد المأذون ينحجر بالإباق لا المدبر المأذون والصحيح أن العبد المأذون لا ينحجر بالغصب ، وكذا بالأسر قبل الإحراز بل بعده ، فإن وصل إلى مولاه بعد ذلك لا يعود مأذونا ، وكذا إن عاد من الإباق في الأصح ا هـ ملخصا قال في شرح تنوير الأذهان : فكلام المصنف ليس على إطلاقه ا هـ أي بالنسبة إلى الإباق فكلامه محمول على المدبر المأذون لا العبد المأذون أي القن وبه تندفع المنافاة بين ما هنا وبين ما مر في المتن فافهم ( قوله ولو أذن القاضي ) [ ص: 177 ] مستغنى عنه بما مر متنا وشرحا

( قوله يعقوب ) هو اسم يوسف العلم ( قوله الصغير ) أي المحجور وفي القنية استودع صبيا ألفا فاستهلكها لم يضمن عندهما وقال أبو يوسف : يضمن في ماله ولو ركب الدابة الوديعة فعطبت على الخلاف ، وإن استودعها عبدا محجورا فاستهلكها ضمنها بعد العتق عندهما ، وقال أبو يوسف : يباع فيها ولو كانت عبدا فقتله الصبي أو العبد فهو كقتلهما ما ليس بوديعة عندهما ، والفرق أن المولى لا يملك روح العبد ، ولا التسليط عليه بخلاف المتاع والدابة ولو أقرض صبيا وعبدا محجورين لا ضمان في الحال ولا المآل بلا خلاف ، وقيل القرض على الخلاف شرنبلالي ( قوله وتحليفه إلخ ) أي المأذون أي لو ادعى على المأذون شيئا فأنكره اختلفوا في تحليفه ذكر في كتاب الإقرار يحلف وعليه الفتوى خانية فلو قال : وحلف مأذونا إذا هو ينكر لكان أشبه شرنبلالي ( قوله ولو رهن المحجور ) المراد به هنا العبد وإن كان الصبي العاقل مثله فافهم ( قوله فما يتغير ) أي بل يبقى ما صنعه على حاله لصحته بإجازة مولاه ( قوله قال ) يعني ابن وهبان المفهوم من قوله وفي الوهبانية ( قوله وكذا ) أي كالعبد المحجور فيما ذكر ( قوله قلت إلخ ) البحث للشرنبلالي على أن هذا وارد على القرض ، ولم يذكر في النظم وإنما ذكره الشرنبلالي فهو اعتراض على غير مذكور ح أقول هو داخل في عموم التصرف المذكور في التعليل فافهم ، والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية