الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه الدلالة على أن المسجد المبني لضرار المؤمنين ، والمعاصي لا يجوز القيام فيه وأنه يجب هدمه ؛ لأن الله نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن القيام في هذا المسجد المبني على الضرار ، والفساد وحرم على أهله قيام النبي صلى الله عليه وسلم فيه إهانة لهم واستخفافا بهم ، على خلاف المسجد الذي أسس على التقوى ، وهذا يدل على أن بعض الأماكن قد يكون ، أولى بفعل الصلاة فيه من بعض وأن الصلاة قد تكون منهية عنها في بعضها

ويدل على فضيلة الصلاة في المسجد بحسب ما بني عليه في الأصل ، ويدل على فضيلتها في المسجد السابق لغيره لقوله : أسس على التقوى من أول يوم ؟ وهو معنى قوله تعالى : أحق أن تقوم فيه ؛ لأن معناه أن القيام في هذا المسجد لو كان من الحق الذي يجوز لكان هذا المسجد الذي أسس على التقوى أحق بالقيام فيه من غيره ، وذلك [ ص: 368 ] أن مسجد الضرار لم يكن مما يجوز القيام فيه لنهي الله تعالى نبيه عن ذلك ، فلو لم يكن المعنى ما ذكرنا لكان تقديره : لمسجد أسس على التقوى أحق أن تقوم فيه من مسجد لا يجوز القيام فيه ، ويكون بمنزلة قوله فعل الفرض أصلح من تركه ، وهذا قد يسوغ ، إلا أن المعنى الأول هو وجه الكلام .

وقد اختلف في المسجد الذي أسس على التقوى ما هو ، فروي عن ابن عمر وسعيد بن المسيب أنه مسجد المدينة . وروي عن أبي بن كعب وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : هو مسجدي هذا . وروي عن ابن عباس ، والحسن وعطية أنه مسجد قباء .

التالي السابق


الخدمات العلمية