الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 382 ] ( ولا يجوز للرجل مضاجعة الرجل وإن كان كل واحد منهما في جانب من الفراش ) قال عليه الصلاة والسلام " { لا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد } " وإذا بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين يجب التفريق بينهما بين أخيه وأخته وأمه وأبيه في المضجع لقوله عليه الصلاة والسلام " { وفرقوا بينهم في المضاجع وهم أبناء عشر } " وفي النتف إذا بلغوا ستا كذا في المجتبى ، وفيه الغلام إذا بلغ حد الشهوة كالفحل والكافرة كالمسلمة عن أبي حنيفة لصاحب الحمام أن ينظر إلى العورة وحجته الختان وقيل في ختان الكبير إذا أمكنه أن يختن نفسه فعل ، وإلا لم يفعل إلا أن لا يمكنه النكاح أو شراء الجارية [ ص: 383 ] والظاهر في الكبير أنه يختن ويكفي قطع الأكثر .

التالي السابق


( قوله مضاجعة الرجل ) أي في ثوب واحد لا حاجز بينهما ، وهو المفهوم من الحديث الآتي ، وبه فسر الأتقاني المكامعة على خلاف ما مر عن الهداية ، وهل المراد أن يلتفا في ثوب واحد أو يكون أحدهما في ثوب دون الآخر والظاهر الأول ، يؤيده ما نقله عن مجمع البحار أي متجردين ، وإن كان بينهما حائل ، فيكره تنزيها ا هـ تأمل ( قوله بين أخيه وأخته وأمه وأبيه ) في بعض النسخ وبين بالواو وهكذا رأيته في المجتبى قال في الشرعة ويفرق بين الصبيان في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين ، ويحول بين ذكور الصبيان والنسوان وبين الصبيان والرجال فإن ذلك داعية إلى الفتنة ولو بعد حين ا هـ وفي البزازية إذا بلغ الصبي عشرا لا ينام مع أمه وأخته وامرأة إلا بامرأته أو جاريته ا هـ فالمراد التفريق بينهما عند النوم خوفا من الوقوع في المحذور ، فإن الولد إذا بلغ عشرا عقل الجماع ، ولا ديانة له ترده فربما وقع على أخته أو أمه ، فإن النوم وقت راحة مهيج للشهوة وترتفع فيه الثياب عن العورة من الفريقين ، فيؤدي إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرمة خصوصا في أبناء هذا الزمان فإنهم يعرفون الفسق أكثر من الكبار .

وأما قوله وأمه وأبيه فالظاهر أن المراد تفريقه عن أمه وأبيه بأن لا يتركاه ينام معهما في فراشهما ، لأنه ربما يطلع على ما يقع بينهما بخلاف ما إذا كان نائما وحده أو مع أبيه وحده أو البنت مع أمها وحدها ، وكذا لا يترك الصبي ينام مع رجل أو امرأة أجنبيين خوفا من الفتنة ، ولا سيما إذا كان صبيحا فإنه وإن لم يحصل في تلك النومة شيء فيتعلق به قلب الرجل أو المرأة فتحصل الفتنة بعد حين فلله در هذا الشرع الطاهر فقد حسم مادة الفساد ومن لم يحط في الأمور يقع في المحذور وفي المثل لا تسلم الجرة في كل مرة ( قوله كذا في المجتبى ) الإشارة إلى ما في المتن وما بعده إلى هنا ( قوله كالفحل ) أي كالبالغ كما في التتارخانية أي في النظر إلى العورة والمضاجعة .

( قوله والكافرة كالمسلمة ) يحتمل أن يكون المراد أن نظر الكافرة إلى المسلمة كنظر المسلمة إلى المسلمة ، وهو خلاف الأصح الذي قدمه المصنف بقوله والذمية كالرجل الأجنبي في الأصح إلخ ، ويحتمل أن يكون المراد أن الرجل ينظر من الكافرة ، كما ينظر إلى المسلمة ومقابله ما في التتارخانية روي أنه لا بأس بالنظر إلى شعر الكافرة ( قوله عن أبي حنيفة إلخ ) هذا غير المعتمد لما في شرح الوهبانية ، وينبغي أن يتولى طلي عورته بيده ، دون الخادم هو الصحيح لأن ما لا يجوز النظر إليه لا يجوز مسه إلا فوق الثياب وعن ابن مقاتل لا بأس أن يطلي عورة غيره بالنورة كالختان ويغض بصره ا هـ .

قلت : وفي التتارخانية قال الفقيه أبو الليث هذا في حالة الضرورة لا غير ( قوله وقيل إلخ ) مقابل لقوله وحجته الختان فإنه مطلق يشمل ختان الكبير والصغير ، وكذا أطلقه في النهاية كما قدمناه وأقره الشراح ، والظاهر ترجيحه ولذا عبر هنا عن التفصيل بقيل ( قوله إلا أن لا يمكنه النكاح ) كذا رأيته في المجتبى والصواب إسقاط [ ص: 383 ] لا بعد أن كما وجدته في بعض النسخ موافقا لما في التتارخانية وغيرها ، والمراد أن لا يمكنه أن يتزوج امرأة تختنه أو يشتري أمة كذلك ( قوله والظاهر في الكبير أنه يختن ) الظاهر أن يختن مبني للمجهول أي يختنه غيره فيوافق إطلاق الهداية تأمل ( قوله ويكفي قطع الأكثر ) قال في التتارخانية غلام ختن فلم تقطع الجلدة كلها فإن قطع أكثر من النصف يكون ختانا وإلا فلا




الخدمات العلمية