الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الشرط الثاني عشر: أن لا ينقل الولد الموهوب من مكان لآخر بكلفة.

        صورة ذلك: أن يهب شخص لولده هبة فينقلها الابن بكلفة إلى مكانه الذي هو فيه، فهل يكون نقله للهبة بكلفة مانعا للرجوع على الوالد أو لا؟.

        القول الأول: أن ذلك لا يمنع الرجوع.

        وإليه ذهب أبو يوسف من الحنفية، وهو قول المالكية، ومقتضى مذهب الشافعية، والحنابلة.

        واستدل أصحاب هذا القول:

        1- عموم أدلة رجوع الأب فيما وهبه لولده، فالشارع أباح للوالد الرجوع فيما وهب لابنه، والأب إذا رجع في الموهوب بعد نقله بكلفة لا يقال بأنه رجع في غير ما وهبه لابنه.

        2- أن الكلفة غير متعلقة بالعين، بل هي خارجة عنها. [ ص: 148 ]

        ونوقش: بأن زيادة كلفة النقل كزيادة السعر، وزيادة السعر تعتبر زيادة متصلة بالعين; لأنها متعلقة بقيمتها، وكذلك يجب أن تكون زيادة الكلفة.

        وأجيب عنه: بأن زيادة الكلفة تعتبر في حكم الزيادة المنفصلة; لأنها محددة ومتميزة عن قيمة الهبة بخلاف زيادة السعر; إذ هي جزء من قيمة الهبة فهي في حكم المتصلة.

        وأيضا: فإن الزيادة المتصلة لا تمنع الرجوع، كما تقدم.

        القول الثاني: أن ذلك يمنع الرجوع.

        وإليه ذهب أبو حنفية، ومحمد بن الحسن من الحنفية.

        وعللوا لذلك: بأن الرجوع يبطل حق الولد في الكراء ومؤنة النقل، فلا يصح.

        ونوقش: بأن مؤنة الكراء لا تبطل الرجوع في الموهوب على الوالد; لإمكان استرجاع الهبة بدونها; إذ يأخذ الوالد هبته ويدفع للابن الكراء.

        الترجيح:

        يظهر -والله أعلم- أن الراجح في هذه المسألة أن كلفة نقل الهبة لا تمنع على الوالد الرجوع فيما وهبه لولده; لإمكان الرجوع في الموهوب والتعويض للولد عن كلفة النقل، وللإجابة عما علل به أصحاب القول المانع.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية