الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون .

[18] وله الحمد في السماوات والأرض قال ابن عباس : يحمده أهل السموات والأرض ويصلون ، وعشيا هي صلاة العصر.

وحين تظهرون تدخلون في الظهيرة، وهي صلاة الظهر.

واتفق الأئمة على أن الصلوات المفروضات في اليوم والليلة خمس، وعلى أنها سبع عشرة ركعة، الظهر أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، والعشاء أربع، والفجر ركعتان، وتجب الصلاة بأول الوقت لغير معذور، وعليه بآخره بالاتفاق.

فأول وقت الظهر: إذا زالت الشمس، وهو ابتداء طول الظل بعد تناهي [ ص: 277 ] قصره بالاتفاق، وآخر وقتها: إذا صار ظل الشيء مثله بعد الذي زالت فيه الشمس عند الشافعي وأحمد ، وقال مالك : هو آخر وقت الظهر، وهو بعينه أول وقت العصر المختار يكون وقتا لهما ممتزجا بينهما، فإذا زاد زيادة بينة، خرج وقت الظهر المختار، واختص الوقت بالعصر، وعند أبي حنيفة آخر وقت الظهر مصير ظل الشيء مثليه، وخالفه صاحباه، فوافقا الشافعي وأحمد .

ثم العصر، ووقتها من خروج وقت الظهر على الاختلاف بينهم، وآخر وقتها المختار مصير ظل كل شيء مثليه عند مالك والشافعي وأحمد ، ووقت الضرورة عند الشافعي وأحمد إلى غروب الشمس، وهو آخر الوقت عند أبي حنيفة ، وقال مالك : وقت الضرورة ببقاء خمس ركعات من النهار يدرك بها الظهر والعصر، وما دون ذلك يدرك بها العصر دون الظهر.

ثم المغرب، ووقتها من مغيب الشمس بالاتفاق، قال مالك : وقت المغرب في الأخبار مغيب الشمس، وهو وقت واحد مضيق غير ممتد، لا يؤخر عنه، مقدر آخره بالفراغ منها في حق كل مكلف، وآخر وقتها عند الشافعي وأحمد مغيب الشفق الأحمر بالأفق، وهو من بقايا شعاع الشمس، وعند أبي حنيفة هو البياض الذي يبقى بعد الحمرة; خلافا لصاحبيه.

ثم العشاء، ووقتها من مغيب الشفق على الاختلاف بينهم، وآخر وقتها المختار عند مالك والشافعي وأحمد ثلث الليل الأول، ووقت الضرورة عند مالك بقاء أربع ركعات من الليل قبل طلوع الفجر يدرك بها المغرب والعشاء، وما دون ذلك يدرك بها العشاء وحدها، وعند الشافعي وأحمد وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني، وهو البياض الذي يبدو من قبل [ ص: 278 ] المشرق معترضا بالأفق ولا ظلمة بعده، وهو آخر الوقت عند أبي حنيفة .

ثم الفجر، ووقتها من طلوع الفجر الثاني وهو الصادق إلى طلوع الشمس بالاتفاق، وتعجيلها أفضل عند الثلاثة، وعند أبي حنيفة يستحب الإسفار، فمن أدرك قبل الشمس ركعة، فقد أدرك الصلاة عند الشافعي ، وعند مالك مع الطمأنينة، وعند أحمد يدرك الوقت بتكبيرة الإحرام، وكذا الحكم عندهم في جميع الصلوات، وعند أبي حنيفة إذا طلعت الشمس وهو في صلاة الفجر بطلت صلاته، وليس كذلك إذا خرج الوقت في بقية الصلوات، والزائد على قدر واجب في الصلاة في قيام ونحوه نفل بالاتفاق.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية