الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          التفاوت الثقافي بين المهاجرين اليهود

          إن المستعمرات الاستيطانية الغربية، كانت صغيرة نسبيا، وكان أفرادها على تجانس كبير، حتى البيض في جنوب أفريقيا، مع تعدد الجنسيات والثقافة تقاربوا واندمجوا بفضل الإقامة الطويلة، والخضوع لبرنامج تربوي واحد، مع الخوف من السود. كل هـذا وحدهم.

          أما يهود إسرائيل فكانوا في البداية من يهود الغرب، ذوي الثقافات والأصول المختلفة، ثم تدفق على إسرائيل اليهود من البلاد العربية وإيران وتركيا والهند ، والفلاشة أخيرا، فانقسم المجتمع إلى يهود شرقيين وغربيين.

          الغربيون يسيطرون على الوظائف الكبيرة والجيش، أما الشرقيون فنصيبهم سلاح الحدود والشرطة، وبعض الوظائف الدنيا، وهم الأقل ثقافة والأكثر أولادا وفقرا، وكل طرف لا يثق بالآخر، ولا ينظر إليه نظرة ود ومحبة.

          هذه الظاهرة لم يعرفها الاستعمار الاستيطاني الغربي.

          يذكر (نصير عازوري) في بحثه القيم (اليهود الشرقيون في إسرائيل) [1] أن الارتباط بين الفقر واليهود الشرقيين [ ص: 142 ] واضح جدا من تقرير اللجنة الخاصة (بالأطفال والفقر) التي شكلها رئيس وزراء إسرائيل، فقد تبين أن 95% من الأطفال الذين اعتبرتهم اللجنة في حالة (بائسة) هـم أطفال ينتسبون إلى أسر شرقية. كما يشير الكاتب إلى أن صحيفة (معاريف) نشرت في 13 / 4 /1973م أن لجنة كشفت أن (خمس) السكان يبلغ دخلهم 6% فقط من الدخل القومي، وهؤلاء كلهم من أصل أفريقي وآسيوي.

          كما يذكر أن معهد (زولد) نشر تقريرا عام 1972م كشف فيه أن أكثر من (200) ألف طفل في إسرائيل يعيشون دون (خط الفقر) منهم 84% من أصول أفريقية وآسيوية.

          وقد كتب (سعاديا ماركيانو) المنحدر من أصل عربي قائلا [2] (عندما يمتنع يهودي من روسيا عن تناول الطعام لمدة أربع ساعات، فإن ذلك يعتبر إضرابا عن الطعام، ولكن إذا عجز طفل يهودي شرقي في إسرائيل عن إيجاد شيء يأكله مدة (عشر ساعات) فلا أحد يبالي بذلك.

          لا يهمني ما إذا كانت ستمنع هـجرة المزيد من يهود روسيا إلى إسرائيل، فهل هـم قادمون لبناء الدولة اليهودية، أم لأخذ دولتي؟؟ [ ص: 143 ]

          نحن اليهود الشرقيين (السفاراديم) نعرف شيئا واحدا، لو كنا فارين من روسيا، بسبب ما نلاقيه من اضطهاد، لما كنا نحتاج إلى إثارة ضجة كبيرة لكي نتسلم شقة مؤلفة من خمس غرف، حين نصل إلى إسرائيل. وحين يطلب يهودي شرقي مضى عليه في إسرائيل عشرون عاما غرفة إضافية، تجيبه الحكومة: الفانتوم) [3] وقد كتبت الكاتبة الإسرائيلية (سيلفيا كيشيت) عبارات ساخرة تقول: [4] (على جميع ذوي العلاقة أن يواجهوا مشكلات أساسية لئلا يستمروا في أن يسمعوا من الشباب اليهودي اليائس، والخائب الأمل عبارة (إن إسرائيل هـي دولة اليهود الغربيين) أو يقرءوا شعارات من نوع (غولدا علمينا اللغة الإيديشية) [5] أو ( غولدا أرسلينا إلى روسيا لكي نعود مهاجرين، نتمتع بحقوق متميزة) .

          وكل هـذا يصور واقعا أو حاجزا بين اليهود الشرقيين والغربيين. [ ص: 144 ]

          ومع وصول (الفلاشة) فسوف تتعقد المشاكل، وتظهر النزعة العنصرية، ليس ضد العرب فقط، بل ضد المليونين من اليهود وقد أخذت إسرائيل تمتنع عن منح المواطنين الأمريكيين السود تأشيرات دخول إلى إسرائيل، وإن كانت تحالفهم في أمريكا وتتملقهم بشكل دائم. [ ص: 145 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية