الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          اليهود والتحالف مع الأقوياء

          الدكتور / نعمان عبد الرازق السامرائي‏

          الفصل الثاني: عبادة القوة والتحالف مع الأقوياء

          القارئ للتوراة يجدها تمجد القوة، وتهتم بالحروب، حتى تأتي على أعداد القتلى والأسرى والحيوانات، كما تطفح بإحراق المدن بما فيها من إنسان وحيوان، وردم الآبار، ودفن عيون الماء، وإحراق البساتين.

          ومن القصص الكثيرة التي تحفل بها (قصة المصارعة) بين الله تعالى وبين يعقوب ، التي جاءت بسفر (التكوين) [1] فبعد أن عبر المخاضة مع أولاده وأهله واجتاز الوادي ثم جلس في خيمة وحيدا (فصارعه إنسان حتى طلوع الفجر) ولما وجد قوة من يعقوب ضربه على حق فخذه فانخلع، وطلب الرجل من [ ص: 78 ] يعقوب أن يتركه فلم يفعل حتى يباركه، وبعد أن سأله عن اسمه قال لا يكون اسمك يعقوبا بل إسرائيل ، والسبب أنه جاهد مع الله، ولما سأله يعقوب عن اسمه لم يجبه، بل سأله عن سبب سؤاله ثم باركه، وعند ذاك أطلق يعقوب على المكان اسم (فينئيل) وقال مسببا ذلك (نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي) وبعد شروق الشمس ترك المكان (وهو يخمع على فخذه) تقول التوراة بعد ذلك: (لذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النسا الذي على حق الفخذ إلى هـذا اليوم) والقصة بما توحي وترمز فإن يعقوب خرج منتصرا في هـذه المصارعة، التي

          امتدت ليلة كاملة، كان يعقوب هـو الأقوى، لولا أن الله ضربه على حق فخذه ... وكفى اليهودي فخرا أنه أقوى من ربه.

          وفي التوراة أيضا أن فلانا نفخ على مدينة فطارت في الهواء بكل ما فيها. وأن قائدا لسليمان عليه السلام رفع سيفه فمات على الفور سبعون ألف مقاتل.

          وصراع سليمان مع جالوت ذلك البطل، بينما كان سليمان صبيا، فوضع حجرا في مقلاعه ثم رماه فقتله معروف، وقصص شمشوم وغيرها، كلها ترسم صورة بالدم واضحة المعالم، ذات إيحاءات بالقوة لا مثيل لها وقصة (أبي مالك) الذي حاصر مدينة، ثم قال لجنوده، افعلوا كما أفعل، [ ص: 79 ] ثم أخذ غصن شجرة ورماه على المدينة، وكذلك فعل جنوده، ثم أشعل فيها النار فاحترقت على ما فيها من بشر وحيوان، كل هـذا وأمثاله يجده القارئ للتوراة هـنا وهناك، فلا يعجب إذا تمسك اليهود بالقوة أو آمنوا بها.

          وأختم هـذا بما ورد في (وثائق قمران) التي وجدت في منطقة أريحا على البحر الميت، وعنوان المخطوط (حرب أبناء النور ضد أبناء الظلام) [2] وفيها يشن سبط يهودا وبنيامين ومعهم الكهنة من سبط لاوي حرب إبادة على جميع الشعوب الفلسطينية، ومن جاورهم في (القرن الأول قبل الميلاد) ، ويطلق اليهود على أنفسهم أبناء النور، وعلى أعدائهم أبناء الظلام، ويسمى الكاتب جنود الأعداء (جيش بليعال) أي جيش الشيطان. ثم يباشر بوصف الكتائب اليهودية، حيث تتكون من الفرسان والمقاتلين وقد اصطفوا واستعدوا بخيلهم ورماحهم ودروعهم وكامل عدتهم، ترفرف عليهم رايات جميلة، قد نقش عليها شعارات الإيمان والنصر. أما جيش الشيطان فهم شراذم رثة الهيئة كثيرة اللغط تسودها الفوضى، وهي متخاذلة خائفة يسودها الجبن، ولا تفكر إلا بالهزيمة ... هـذه الصورة، أو هـذا الحلم أحسبه ما زال يداعب عقول وقلوب الصهاينة، [ ص: 80 ] وشجعهم على هـذه الأحلام تلك الهزيمة المنكرة التي لحقت بنا عام 1967م على أيدي أولئك (الأبطال) الذين (سيسوا) الجيوش العربية فحولوها عن أهدافها، فلما وقعت الحرب هـرب الكل، فتصور اليهود أن هـذا ببركة قوتهم وشجاعتهم، ووصفوا جيشهم بأنه لا يغلب ...

          التالي السابق


          الخدمات العلمية