الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          3 - الحـق القـومـي

          مما أخذه الصهاينة عن مواطنيهم في أوروبا (القومية) ، فادعوا أنهم شعب واحد، حتى قال هـرتزل (إن اليهود بقوا شعبا واحدا وعرقا متميزا، إن قوميتهم المتميزة لا يمكن ولن، ويجب أن لا تتقوض، لذلك لا يوجد غير حل واحد فقط للمسألة اليهودية، هـي الدولة اليهودية) الصهيونية والعنصرية 1 / 24 .

          وما أظن أن في العالم -خارج اليهود- من يصدق أن اليهودي العربي والكردي والتركي والفارسي والهندي والصيني والياباني والأوروبي والفلاشة، كل هـؤلاء ينتمون لقومية واحدة، وينحدرون من تلك القبائل العبرانية البدوية، التي غزت فلسطين واستوطنتها حينا من الدهر. خصوصا إذا أخذنا بتعريف اليهودي بأنه (من كانت أمه يهودية) في ضوء هـذا التعريف المعتمد أدعو لقراءة هـذا النص من التوراة (... فسكن بنو إسرائيل في وسط الكنعانيين والحثيين والأموريين والفرزيين والحويين واليبوسيين ، واتخذوا بناتهم لأنفسهم نساء، وأعطوا بناتهم لبنيهم، وعبدوا آلهتهم) القضاة الإصحاح 3 / 5 -6 فإذا تزوج اليهود من كل هـذه الشعوب، فأبناؤهم ليسوا يهودا، لأن الأمهات غير يهوديات، وأبناء غير اليهود ليسوا يهودا [ ص: 150 ] بالطبع، ومن ولد لتلك الشعوب هـو اليهودي، فهل هـناك مفارقة أغرب من هـذه، سوى ادعاء الشعب الواحد؟!!.

          بل التوراة تذكر أنبياء بني إسرائيل، وبمن تزوجوا من النساء، فكلهم تزوج أجنبية.. والتوراة تقول بصراحة.. واختلط الزرع المقدس.. فهذا الاختلاط يقضى على.. نقاء.. العرق، ذلك الشيء الذي أخذه اليهود عن رجال العنصرية، أو علمه اليهود لهم، يقول (أحمد نسيم سوسه) وهو مهندس عراقي يهودي الأصل أسلم ومات مسلما [1] (انتشر الدين اليهودي بين مختلف الأمم والأجناس، وهذه الأمم اعتنقت الدين اليهودي، وهي تعيش في ديارها وأوطانها، وتتكلم بلغاتها، وتمارس عاداتها وتقاليدها، فقد بدأ التبشير بالدين اليهودي، منذ تكوين الديانة اليهودية، بعد كتابة التوراة، واستمر حتى العصور الوسطى، وعندما أغلق باب التبشير في أواسط القرن الثالث عشر الميلادي، فقد قضى اليهود أكثر من عشرين قرنا، يعملون بجد ونشاط لنشر ديانتهم، بين شعوب وأمم لا تمت إلى قوم موسى بأدنى صلة، وليست لهم علاقة بفلسطين أو سكان فلسطين، لا من بعيد ولا من قريب، وهؤلاء الدعاة إلى الدين، لم يكونوا دائما من فلسطين، بل ممن اعتنقوا الدين اليهودي وتحمسوا له) . هـذه شهادة خبير لا يجادل فيها أحد. وقد رأيت بنفسي خلال رحلة في أفريقيا جماعة من اليهود السود، ينفخون بالبوق، ويعلمون الشباب الأفريقي، الديانة اليهودية، ولهم أكثر من مركز للتبشير باليهودية.

          وأختم هـذا بما قاله عالم الأنثربولوجي (أوجين بتار) أستاذ علم الأجناس [ ص: 151 ] بجامعة (جنيف) [2] (إن اليهود عبارة عن طائفة دينية، اجتماعية، انضم إليهم في جميع العصور أشخاص من أجناس شتى، جاءوا من جميع الآفاق، فمنهم الفلاشة سكان الحبشة ، ومنهم الألمان ذو السحنة الجرمانية، ومنهم التامل السود في الهند، والخزر، والمفروض أنهم من الجنس التركي، ومن المستحيل أن نتصور أن اليهود ذوي الشعر الأشقر الكستنائي والعيون الصافية اللون الذين نلقاهم في أوروبا الوسطى، يمتون بصلة القرابة - قرابة الدم - إلى أولئك الإسرائيليين القدماء، الذين كانوا يعيشون بجانب نهر الأردن) .

          ويذهب الكاتب اليهودي (إبرا هـام ليون) لأبعد مما ذهب غيره فيقول [3] : (إن اليهود يشكلون في حقيقة الأمر خليطا عرقيا متنافرا، والسبب الرئيس في ذلك هـو طابع التشتت، الملازم لليهودية، وحتى في فلسطين كان اليهود بعيدين عن تشكيل عرق صاف) .

          والخلاصة: من كل ما تقدم يمكن القول بأن اليهود طائفة دينية وليست شعبا ولا قومية، فلا عرق يجمعهم، ولا لغة واحدة، ولا ثقافة موحدة، فادعاء الحق القومي أيضا لا قيمة له ولا سند.

          التالي السابق


          الخدمات العلمية