الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
: وفيها : الحيلة في جواز رهن المشاع أن يبيعه النصف بالخيار : ثم يرهنه النصف ثم يفسخ البيع .

قال المصنف : وفيه نظر ولعله مفرع على الضعيف في الشيوع الطارئ .

قلت : بل ولا عليه ، لأنه بالخيار لا يخلو إما أن يبقى في ملكه أو يعود لملكه .

وعلى كل يكون رهن المشاع ابتداء كما بسطه في تنوير البصائر فتنبه .

قلت : والحيلة الصحيحة ما في حيل منية المفتي : أراد رهن نصف داره مشاعا ببيع نصفها من طالب الرهن ويقبض منه الثمن على أن المشتري بالخيار ويقبض الدار ثم ينقض بحكم الخيار فتبقى في يده بمنزلة الرهن بالثمن ، واعتمده ابن المصنف في زواهر الجواهر

التالي السابق


( قوله وفيها ) أي في الأشباه من الفن الخامس في الحيل والمسألة مذكورة في حيل الولوالجية آخر الكتاب ( قوله أن يبيع منه ) أي من المرتهن بثمن قدر الدين الذي يريد الرهن به ( قوله ثم يفسخ البيع ) أي بحكم الخيار ( قوله قال المصنف ) أي في المنح آخر هذا الباب .

ونصه قلت : وعندي في صحة هذه الحيلة نظر ظاهر ، لما تقرر سابقا من أن الصحيح أن الشيوع الطارئ مفسد كالمقارن : ويمكن أن تكون مفرعة على القول المقابل للصحيح ، وهو أن الشيوع الطارئ غير مفسد وفيه نظر ا هـ والظاهر أنه أراد بالنظر الثاني ما ذكره الشارح بعد فافهم . ( قوله إما أن يبقى في ملكه ) أي ملك البائع فيما إذا كان الخيار له لأن خياره يمنع من خروج المبيع عن ملكه فيكون رهنه النصف في مدة الخيار رهنا لبعض ملكه وهو رهن المشاع ابتداء فافهم . ( قوله أو يعود لملكه ) أي البائع فيما إذا كان الخيار للمشتري ، لأن المبيع يخرج به عن ملك البائع ، ولا يملكه المشتري عنده ويملكه عندهما ، فعلى قولهما يكون رهن المشاع ابتداء من الشريك سواء فسخ البيع أو أجازه ، وعلى قوله إن أجازه دخل في ملكه وإلا عاد إلى ملك البائع ، وعلى كل فرهنه النصف في مدة الخيار يكون رهن مشاع ابتداء من الأجنبي ، وكان ينبغي للشارح أن يزيد أو يدخل في ملك المشتري بعد قوله أو يعود لملكه ( قوله كما بسطه في تنوير البصائر ) أي للشرف الغزي محشي الأشباه ، وحاصله مع الإيضاح ما قدمناه ( قوله فتبقى في يده بمنزلة الرهن بالثمن ) فإن أصابها عيب ذهب من الدين بحسابه منح عن حيل الخصاف .

وحاصله أن هذا ليس رهنا حقيقة لا صحيحا ولا فاسدا ، إذ لم يوجد عقده وإنما هو بمنزلته لأن حبس الدار حتى يقبض الثمن ، كما إذا فسخ الإجارة فإن له حبس المأجور حتى يقبض الأجرة ، ولما كان له في ذلك الحبس منفعة كان المحبوس مضمونا عليه بقيمته إذا هلك ، بخلاف الأمانات فإنها لا تضمن إلا بالاستهلاك ، وبخلاف الرهن الحقيقي فإنه مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين ، فقد ظهر بما قررناه وجه قوله بمنزلة الرهن أي بمنزلته من حيث ثبوت حق الحبس فقط لا من حيث إنه يضمن كضمان الرهن ، والدليل على ذلك وعلى أنه ليس كسائر الأمانات ما في خيارات جامع الفصولين : باع أرضا بخيار وتقابضا فنقضه البائع في المدة تبقى الأرض مضمونة بالقيمة على المشتري وله حبسها بثمن دفعه إلى البائع ا هـ .

وعليه فلو هلكت وقيمتها مثل الثمن الذي قبضه البائع سقط ، ولو أقل سقط منه بحسابه ، وهذا ما ظهر لي فافهم .




الخدمات العلمية