5794 ص: وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : إن كانت هذه القلادة لا يعلم مقدار ذهبها أهو مثل وزن جميع الثمن أو أقل من ذلك أو أكثر إلا بأن تفصل القلادة فيوزن ذلك الذهب الذي فيها فيوقف على وزنه ; لم يجز بيعها بذهب إلا بعد ما يفصل ذهبها منها فيعلم أنه أقل من ذلك الثمن ، وإن كانت القلادة يحيط العلم بوزن ما فيها من الذهب ، ويعلم أنه أقل من الذهب الذي بيعت به ، أو لا يحيط العلم بوزنه إلا أنه يعلم في الحقيقة أنه أقل من الثمن الذي بيعت به القلادة وهو ذهب ; فالبيع جائز ; وذلك أنه يكون ذهبها بمثل وزنه من الذهب الثمن ، ويكون ما فيها من الخرز بما بقي من الثمن ، ولا يحتاج في ذلك إلى قسمة الثمن على القيمة كما يحتاج إليه في العروض المبيعة بالثمن الواحد .
والدليل على ذلك أنا رأينا ، ورأيناهم لا يختلفون في دينارين أحدهما في الجودة أفضل من الآخر بيعا صفقة واحدة بدينارين متساويين في الجودة ، أو بذهب غير مضروب جيد ; أن البيع جائز ، فلو كان ذلك مردودا إلى حكم القسمة كما ترد العروض من غير الذهب والفضة إذا بيعت بثمن واحد ; إذا لفسد البيع ; لأن الدينار نصيبه أقل من وزنه إذا كانت قيمته أقل من قيمة الدينار الآخر ، فلما أجمع على صحة ذلك البيع ، وكانت السنة قد ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن الذهب تبره وعينه سواء ، ثبت بذلك أن حكم الذهب في البيع إذا كان بذهب على غير القسمة على القيمة ، وأنه مخصوص في ذلك بحكم دون حكم سائر العروض المبيعة صفقة واحدة ، وأن ما يصيبه من الثمن هو وزنه لا ما يصيب قيمته ; فهذا هو ما يشهد لهذا القول من النظر . الذهب لا يجوز أن يباع بذهب إلا مثلا بمثل
[ ص: 298 ]