الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7173 ص: حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عباد بن تميم ، أن أبا بشير الأنصاري أخبره : "أنه كان مع رسول الله -عليه السلام - في بعض أسفاره -قال عبد الله بن أبي بكر : : حسبت أنه قال : والناس في مبيتهم - فأرسل رسول الله -عليه السلام - مناديا ألا لا يبقين في عنق بعير قلادة ولا وتر إلا قطعه " . قال مالك : : أرى أن ذلك العين " .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح .

                                                وأبو بشير الأنصاري المازني ، ويقال : الحارثي المدني صحابي ، قيل اسمه قيس بن عبيد بن الحرير .

                                                [ ص: 183 ] والحديث أخرجه البخاري : عن عبد الله بن يوسف عن مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عباد به .

                                                وأخرجه أبو داود : عن القعنبي ، عن مالك .

                                                والنسائي : عن قتيبة ، عن مالك .

                                                قوله : "قلادة ولا وتر " القلادة معروفة ، والوتر وتر القوس ، نهاهم عن ذلك ; لأنهم كانوا يعتقدون أن تقليد الدواب بالأوتار يدفع عنها العين والأذى ، فتكون كالعوذة لها ، فنهاهم عن ذلك ، وأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف حذرا .

                                                وقال أبو عمر : قد فسر مالك هذا الحديث أنه من أجل العين ، وهو عند جماعة أهل العلم كما قال مالك ، لا يجوز عندهم أن يعلق على الصحيح من البهائم أو بني آدم شيء من العلائق خوف نزول العين ; لهذا الحديث وشبهه ، ويحمل ذلك عندهم فيما علق قبل نزول البلاء خشية نزوله ، فهذا هو المكروه من التمائم ، وكل ما يعلق بعد نزول البلاء من أسماء الله تعالى وكتابه رجاء الفرج والبرء من الله تعالى فهو كالرقي المباح الذي وردت السنة بإباحته من العين وغيرها .

                                                وقد قال مالك : لا بأس بتعليق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى على أعناق المرضى على وجه التبرك بها إذا لم يرد معلقها بتعليقها مدافعة العين ، وهذا معناه قبل أن ينزل به شيء من العين ، ولو علم العائن لكان الوجه في ذلك اغتسال العائن للمعين .

                                                وأما تخصيص الأوتار بالقطع وأن لا يعلقه الدواب شيئا من ذلك قبل البلاء وبعده ، فقيل : إن ذلك لئلا تختنق بالوتر في خشبة أو شجرة فتقتلها ، فإذا كان خيطا انقطع سريعا ، وروي عن عائشة - رضي الله عنها - "أنها كانت تكره ما تعلق النساء على

                                                [ ص: 184 ] أنفسهن وعلى صبيانهم من خلخال الحديد من العين ، وتنكر ذلك على من فعله " قال أبو عمر : قد كره بعض أهل العلم تعليق التميمة على كل حال ، قبل نزول البلاء وبعده ، والقول الأول أصح في النظر والأثر .




                                                الخدمات العلمية