الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6106 6108 6109 [ ص: 438 ] ص: حدثنا وهبان بن عثمان ، قال : ثنا أبو همام ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله -عليه السلام - مثله .

                                                حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن رسول الله -عليه السلام - مثله ، ولم يذكر جابرا .

                                                حدثنا بحر ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : حدثني عمر بن محمد ومالك بن أنس ويحيى بن أيوب ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن رسول الله -عليه السلام - ، مثله .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ثلاث طرق :

                                                الأول : مسند مرفوع ، وأبو همام اسمه الوليد بن شجاع الكندي الكوفي نزيل بغداد ، وشيخ مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجه .

                                                وأخرجه الترمذي : ثنا محمد بن بشار ومحمد بن أبان قالا : ثنا عبد الوهاب الثقفي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر : "أن النبي -عليه السلام - قضى باليمين مع الشاهد " .

                                                وأخرجه ابن ماجه : عن محمد بن بشار ، عن عبد الوهاب . . . . إلى آخره .

                                                الثاني : مرسل ، وقد ذكره آنفا بهذا الإسناد ، غير أن ها هنا زاد قوله : "ولم يذكر جابرا " .

                                                الثالث : أيضا مرسل ، عن بحر بن نصر ، عن عبد الله بن وهب ، عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، ومالك بن أنس ويحيى بن أيوب الغافقي المصري ، ثلاثتهم عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن النبي -عليه السلام - . وقد تكلمنا فيه عن ابن عمر بما فيه الكفاية .

                                                [ ص: 439 ] وهذا كما رأيت قد أخرج الطحاوي أحاديث هذا الباب عن ابن عباس وأبي هريرة وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - .

                                                ولما أخرج الترمذي حديث أبي هريرة قال : وفي الباب عن علي وجابر وابن عباس وسرق - رضي الله عنهم - .

                                                قلت : وفي الباب أيضا عن سعد بن عبادة وعبد الله بن عمرو وعمرو بن حزم والمغيرة بن شعبة ورجل له صحبة وزبيب بن ثعلبة - رضي الله عنهم - .

                                                أما حديث علي - رضي الله عنه - فأخرجه الدارقطني : ثنا ابن مخلد ، ثنا عباس بن محمد ، ثنا شبابة ، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي - رضي الله عنه - : "أن النبي -عليه السلام - قضى بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق ، وقضى به علي في العراق " .

                                                وأما حديث سرق فأخرجه ابن ماجه : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا جويرية بن أسماء ، ثنا عبد الله بن يزيد مولى المنبعث ، عن رجل من أهل مصر ، عن سرق : "أن النبي -عليه السلام - أجاز شهادة رجل ويمين الطالب " .

                                                وأما حديث سعد بن عبادة فأخرجه الدارقطني : ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، ثنا صلت بن مسعود ، قال : ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن ابن سعد بن عبادة قال : "وجدنا في كتاب سعد بن عبادة : أن رسول الله -عليه السلام - قضى باليمين مع الشاهد " .

                                                وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه البيهقي : من حديث مطرف بن مازن ، ثنا ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : "قضى النبي -عليه السلام - بشاهد ويمين في الحقوق " .

                                                [ ص: 440 ] وقال الذهبي : مطرف كذبه ابن معين .

                                                وأخرجه أيضا من حديث النفيلي : ثنا محمد بن عبد الله بن عتبة بن عمير ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : "أن رسول الله -عليه السلام - قضى باليمين مع الشاهد " .

                                                وقال الذهبي : محمد واه .

                                                وأما حديث عمرو بن حزم والمغيرة بن شعبة ، فأخرجه عبد الله بن وهب في "مسنده " : أخبرني ابن لهيعة ، ونافع بن يزيد ، عن عمارة بن غزية ، عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل : "أنه وجد في كتاب آبائه : هذا ما رفع -أو ذكر - عمرو بن حزم والمغيرة بن شعبة ، قالا : بينا نحن عند رسول الله -عليه السلام - ، دخل رجلان يختصمان ، مع أحدهما شاهد له على حقه ، فجعل رسول الله -عليه السلام - يمين صاحب الحق مع شاهده ، فاقتطع بذلك حقه " .

                                                وأما حديث رجل له صحبة فأخرجه البيهقي في "سننه " : من حديث الشافعي ، أنا إبراهيم بن محمد ، عن ربيعة بن عثمان ، عن معاذ بن عبد الرحمن ، عن ابن عباس وآخر له صحبة : "أن رسول الله -عليه السلام - قضى باليمين مع الشاهد " .

                                                وأما حديث زبيب -بضم الزاي ، وفتح الباء الموحدة - بن ثعلبة فأخرجه أبو داود : ثنا أحمد بن عبدة ، قال : ثنا عمار بن شعيث بن عبيد الله بن الزبيب العنبري ، قال : حدثني أبي ، قال : سمعت جدي الزبيب يقول : "بعث نبي الله -عليه السلام - جيشا إلى بني العنبر فأخذوا بركبة -من ناحية الطائف - واستاقوهم إلى نبي الله -عليه السلام - ، فركبت فسبقتهم إلى النبي -عليه السلام - ، فقلت : السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته ، أتانا جندك فأخذونا ، وقد كنا أسلمنا وخضرمنا آذان النعم ، فلما قدم

                                                [ ص: 441 ] بلعنبر قال لي نبي الله -عليه السلام - : هل لكم بينة على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا في هذه الأيام ؟ قلت : نعم ، قال : من بينتك ؟ قلت : سمرة رجل من بني العنبر ورجل آخر سماه له ، فشهد الرجل وأبى سمرة أن يشهد ، فقال النبي -عليه السلام - : قد أبى أن يشهد لك ، فتحلف مع شاهدك الآخر ؟ قلت : نعم ، فاستخلفني ، فحلفت بالله لقد أسلمنا يوم كذا وكذا ، وخضرمنا آذان النعم ، فقال النبي -عليه السلام - : اذهبوا فقاسموهم أنصاف الأموال ، ولا تمسوا ذراريهم ، لولا أن الله لا يحب ضلالة العمل ما رزيناكم عقالا . . . . "
                                                الحديث .

                                                قلت : زبيب -بضم الزاي وفتح الباء الموحدة وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة وفي آخره باء موحدة أيضا - هو ابن ثعلبة بن عمرو بن سواء بن أبي بن عبدة بن عدي بن جندب بن المعتمر بن عمرو بن تميم التميمي العنبري ، وفد على النبي -عليه السلام - ومسح رأسه ووجهه وصدره ، وقيل : هو أحد الغلمة الذين أعتقتهم عائشة - رضي الله عنها - كان ينزل بالبادية على طريق الناس بين الطائف والبصرة .

                                                وشعيث -آخره ثاء مثلثة - ، وابنه عمار ، قال أبو محمد عبد الحق الأزدي : عمار بن شعيث لا يحتج بحديثه .

                                                قوله : "خضرمنا آذان الأنعام " يعني قطعنا أطراف آذانها وكان ذلك علامة بين من أسلم ومن لم يسلم ، والمخضرمون قوم أدركوا الجاهلية وبقوا إلى أن أسلموا .

                                                قوله : "لا يحب ضلالة العمل " أي بطلانه .

                                                قوله : "ما رزيناكم " قال الخطابي : اللغة الفصيحة : ما رزأناكم يقال : ما أصبنا من أموالكم عقالا ، وقال الخطابي : وفي الحديث استعمال اليمين مع الشاهد في غير الأموال ، إلا أن إسناده ليس بذاك ، وقد يحتمل أن يكون أيضا اليمين قصد بها ها هنا المال ; لأن الإسلام يعصم المال كما يحمي الدم .




                                                الخدمات العلمية