الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7064 7065 7066 7067 ص: حدثنا فهد ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : أنا يحيى بن أيوب ، قال : أخبرني ابن عجلان ، قال : حدثني القعقاع بن حكيم ، وزيد بن أسلم ، وعبيد الله بن مقسم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله -عليه السلام - مثله ، وزاد : " ولا هامة ولا غول ولا صفر ، . قال أبو صالح : : فسافرت إلى الكوفة ثم رجعت فإذا أبو هريرة ينتقص : لا عدوى . " ، لا يذكرها ، فقلت : لا عدوى ، فقال : أببت " .

                                                حدثنا علي بن معبد ، قال : ثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني أبو سلمة وغيره ، أن أبا هريرة قال : قال رسول الله -عليه السلام - : " لا عدوى " فقال أعرابي : يا رسول الله ، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء ، فيأتي البعير الأجرب فيجربها ؟ ! فقال رسول الله -عليه السلام - : فمن أعدى الأول ؟ " . ؟ " .

                                                حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، قال : قال ابن شهاب : : حدثني أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله -عليه السلام - مثله .

                                                [ ص: 84 ] حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب ، قال : أخبرني معروف بن سويد الحذامي ، عن علي بن رباح اللخمي ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله -عليه السلام - : " لا عدوى " . .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه أربع طرق صحاح :

                                                الأول : عن فهد بن سليمان ، عن سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم المصري شيخ البخاري ، عن يحيى بن أيوب الغافقي المصري ، عن محمد بن عجلان المدني ، عن القعقاع بن حكيم الكناني ، روى له الجماعة ; البخاري في غير الصحيح ، وعن زيد بن أسلم القرشي المدني الفقيه -أحد مشايخ أبي حنيفة ، روى له الجماعة ، وعن عبيد الله بن مقسم المدني ، روى له الجماعة ; غير الترمذي ، ثلاثتهم عن أبي صالح ذكوان الزيات ، روى له الجماعة .

                                                وأخرجه أبو داود مختصرا : ثنا محمد بن عبد الرحيم [بن] البرقي ، أن سعيد بن الحكم حدثهم ، قال : أنا يحيى بن أيوب ، قال : أخبرني ابن عجلان قال : ثنا القعقاع بن حكيم وعبيد الله بن مقسم وزيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أن رسول الله -عليه السلام-[قال] : "لا غول " .

                                                وأخرجه البزار في "مسنده " عن محمد بن مسكين ، عن سعيد بن أبي مريم . . . . إلى آخره . وقال : "لا عدوى ولا غول ولا هامة ولا صفر " .

                                                الثاني : عن علي بن معبد بن نوح المصري ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، روى له الجماعة ، عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، روى له الجماعة ، عن صالح بن كيسان المدني ، روى له الجماعة ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن أبي سلمة عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبي هريرة .

                                                [ ص: 85 ] وأخرجه البخاري : ثنا عبد العزيز بن عبد الله ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وغيره ، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال : إن رسول الله -عليه السلام - قال : "لا عدوى ولا صفر ولا هامة ، فقال أعرابي : يا رسول الله ، فما بال إبلي (تكون في الرمل) كأنها الظباء ، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها ؟ ! فقال : فمن أعدى الأول ؟ " .

                                                الثالث : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن يونس بن يزيد الأيلي ، عن محمد بن شهاب الزهري ، عن أبي سلمة عبد الله ، عن أبي هريرة .

                                                وأخرجه مسلم : حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى -واللفظ لأبي طاهر - قالا : نا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، قال ابن شهاب : فحدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة حين قال رسول الله -عليه السلام - : "لا عدوى ولا صفر ولا هامة ، فقال أعرابي : يا رسول الله ، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء ، فيجيء البعير الأجرب ، فيدخل فيها فيجربها كلها ؟ ! قال : فمن أعدى الأول ؟ " .

                                                الرابع : عن يونس أيضا عن عبد الله بن وهب ، عن معروف بن سويد الحذاء ، عن علي -بضم العين وفتح اللام - بن رباح ، وقال ابن يونس في ترجمة معروف بن سويد هذا : وليس عند ابن وهب عن معروف بن سويد هذا من المسند إلا ثلاثة أحاديث كلها عن علي بن رباح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .

                                                قوله : "لا غول " الغول بضم الغين المعجمة ، أحد الغيلان وهي جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس ، فتتغول تغولا أي : تتلون تلونا في صور شتى ، وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم ، فنفاه النبي -عليه السلام - وأبطله .

                                                [ ص: 86 ] وقيل : قوله : "لا غول " ليس نفيا لعين الغول أو وجوده ، وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله ، فيكون المعنى بقوله : "لا غول " أنها لا تستطيع أن تضل أحدا ، ويشهد له الحديث الآخر : "لا غول ولكن السعالي " والسعالي جمع سعلاة وهي السحرة من الجن ، أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل ، ومنه الحديث : "إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان " أي ادفعوا شرها بذكر الله ، وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها ، ومنه حديث أبي أيوب - رضي الله عنه - : "كان لي تمر في سهوة ، فكان الغول يجيء فيأخذ " .

                                                وقال الخطابي : قوله : "لا غول " ليس نفي الغول عينا وإبطال كونها ، وإنما فيه إبطال ما يتحدثون عنها من اختلاف تلونها في الصور المختلفة ، وإضلالها الناس عن الطريق ، وسائر ما يحكون عنها مما لا نعلم له حقيقة ، نقول : لا تصدقوا بذلك ولا تخافوها ; فإنها لا تقدر على شيء من ذلك إلا بإذن الله ، ويقال : إن الغيلان سحرة الجن ; تسحر الناس وتفتنهم بالانحلال عن الطريق . والله أعلم .

                                                قوله : "ولا صفر " كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال لها : الصفر تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه ، وأنها تعدي فأبطل الإسلام ذلك ، وقيل : أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية وهو تأخير المحرم إلى صفر ويجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله ، قال الخطابي : حكى أبو عبيد ، عن رؤبة بن الحجاج أنه قال : الصفر حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس وهي أعدى من الجرب ، قال أبو عبيد : فأبطل النبي -عليه السلام - أنها تعدي .

                                                وقال أبو داود في "سننه " : ثنا محمد بن المصفى ، قال : ثنا بقية ، قال : قلت لمحمد بن راشد : قوله : هامة قال : كانت الجاهلية تقول : ليس أحد يموت فيدفن إلا خرج من قبره هامة .

                                                قلت : فقوله : صفر قال : سمعنا أن أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ، فقال : النبي -عليه السلام - : لا صفر " .




                                                الخدمات العلمية