الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6143 ص: وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : ما كان من ذلك من تمليك مال فهو على حكم الباطن كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذها ، فإنما أقطع له قطعة من النار " وما كان من ذلك من قضاء بطلاق أو نكاح بشهود ظاهرهم العدالة وباطنهم ، فحكم الحاكم بشهادتهم على ظاهرهم الذي تعبد الله أن يحكم بشهادة مثلهم معه ، فذلك تحريم في الباطن كحرمته في الظاهر .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون ، وأراد بهم عامرا الشعبي وأبا حنيفة ومحمد بن الحسن -رحمهم الله - ، فإنهم قالوا : ما كان من ذلك . . . . إلى آخره .

                                                وقال ابن حزم : [قال أبو حنيفة] لو أن رجلا رشى شاهدين فشهدا له بزور أن فلانا طلق امرأته فلانة أو أعتق أمته فلانة وهما كاذبان متعمدان ، وأن المرأتين

                                                [ ص: 494 ] بعد العدة رضيتا بفلان زوجا فقضى القاضي بهذه الشهادة ، فإن وطء تينك المرأتين حلال للفاسق الذي شهدا له بالزور ، حرام على المشهود عليه بالباطل ، وكذلك من أقام شاهدي زور على فلان أنه أنكحه ابنته برضاها وهي في الحقيقة لم ترضه قط ولا زوجها إياه أبوها فقضى القاضي بذلك ، فوطئه إياها حلال .

                                                ثم قال ابن حزم : ما نعلم أحدا قبله قال بهذه الطامة .

                                                قلت : جهله بذلك لا يرد علم غيره به ، وقد قال أبو عمر بن عبد البر : وجاء عن أبي حنيفة وأبي يوسف ، وروي ذلك عن الشعبي قبلهما في رجلين تعمدا الشهادة بالزور على رجل أنه طلق امرأته ، فقبل القاضي شهادتهما لظاهر عدالتهما عنده وهما قد تعمدا الكذب في ذلك أو غلطا ، ففرق القاضي بين الرجل وامرأته بشهادتهما ، ثم اعتدت المرأة جاز لأحدهما أن يتزوجها وهو عالم أنه كاذب في شهادته ، وعالم بأن زوجها لم يطلقها ; لأن حكم الحاكم لما أحلها للأزواج فإن الشهود وغيرهم في ذلك سواء .




                                                الخدمات العلمية