5844 5845 5846 ص: وقد فضل بعض أصحاب رسول الله -عليه السلام - بعض أولادهم على بعض في العطايا .
فحدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي -عليه السلام - أنها قالت : "إن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة ، فلما حضرته الوفاة قال : والله يا بنية ، ما من أحد من الناس أحب إلي غنى بعدي منك ، ولا أعز علي فقرا بعدي منك ، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا ، فلو كنت جددته وأحرزته كان لك ، وإنما هو اليوم مال الوارث ، وإنما هما أخواك وأختاك ، فاقتسموه على كتاب الله تعالى ، فقالت عائشة : والله يا أبه لو كان كذا وكذا لتركته ، إنما هي أسماء فمن الأخرى ؟ فقال : ذو بطن بنت خارجة أراها جارية " .
حدثنا فهد ، قال : ثنا عمر بن حفص بن غياث ، قال : ثنا أبي ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : ثنا مسروق قال : "كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - قد أعطى عائشة نحلا ، فلما مرض قال لها : اجعليه في الميراث ، وذكر القبض في الهبة والصدقة " .
حدثنا يونس ، قال : ثنا سفيان ، عن عمرو ، أخبره صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : " ، أن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - فضل بني أم كلثوم بنحل قسمه بين ولده " .
فهذا أبو بكر - رضي الله عنه - قد أعطى عائشة دون سائر ولده ، ورأى ذلك جائزا ، ورأته هي كذلك ، ولم ينكره عليهما أحد من أصحاب رسول الله -عليه السلام - .
[ ص: 359 ] وهذا عبد الرحمن بن عوف قد فضل أيضا بعض ولده فيما أعطاهم على بعض ، ولم ينكر ذلك عليه منكر ، فكيف يجوز لأحد أن يحمل فعل هؤلاء على خلاف قول النبي -عليه السلام - ، ولكن قول النبي -عليه السلام - عندنا فيما ذكرنا من ذلك إنما كان على الاستحباب كاستحبابه التسوية بين أهله في العطية وترك التفضيل لحرهم على مملوكهم ، ليس على أن ذلك مما لا يجوز غيره ، ولكن على استحبابه لذلك ، وغيره في الحكم جائز كجوازه .


