[ ص: 190 ] فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون .
[29] فلما قضى موسى الأجل المشروط بينهما; أي: أتمه، مكث بعد ذلك عند صهره عشرا أخرى، فأقام عنده عشرين سنة، ثم قصد المسير إلى أهله، فبكى شعيب، وقال: يا موسى! كيف تخرج عني وقد ضعفت وكبرت؟! فقال له: قد طالت غيبتي عن أمي وخالتي وهارون أخي وأختي، فإنهم في مملكة فرعون، فقام شعيب، وبسط يديه، وقال: يا رب إبراهيم الخليل، وإسماعيل الصفي، وإسحاق الذبيح، الكظيم، ويوسف الصديق! رد قوتي وبصري، فأمن موسى على دعائه، فرد الله عليه بصره وقوته، ثم أوصاه بابنته. ويعقوب
وسار موسى بأهله نحو مصر آنس أبصر.
من جانب الطور أي: من جهته نارا وكان في البرية في ليلة مظلمة، فضرب خيمته على الوادي، وأدخل أهله فيها، وهطلت السماء بالمطر والثلج، وكانت امرأته حاملا، فأخذها الطلق، فأراد أن يقدح، فلم يظهر له نار، فاغتم لذلك، فلما رأى النار من بعيد.
قال لأهله امكثوا قرأ : (لأهله امكثوا) بضم الهاء في الوصل . [ ص: 191 ] أبو جعفر
إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر عن الطريق; لأنه كان قد أخطأ الطريق. قرأ الكوفيون، : (إني آنست) (لعلي آتيكم) بإسكان الياء فيهما، وافقهم ويعقوب في (إني آنست)، وقرأ الباقون: بالفتح فيهما . ابن عامر
أو جذوة من النار قرأ : (جذوة) بفتح الجيم، عاصم وحمزة : بضمها، والباقون: بكسرها، وكلها لغات صحيحة ، معناها: قطعة غليظة من حطب فيها نار لا لهب لها. وخلف
لعلكم تصطلون تستدفئون.
* * *