وكذلك إذا قال: ما ضربت لا هذا ولا هذا، أو لم أضربهما، وعنى نفي ضربهما جميعا.
ولهذا كما لو حلف: لا آكل الرغيف، فأكل بعضه. ولم يتنازعوا في أنه لو عنى أكل جميعه لم يحنث بأكل البعض. تنازع الفقهاء فيمن حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه،
وهذا كما في قوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين [سورة النساء: 23]، فالجمع بينهما منهي عنه. فهذه وحدها مباحة وهذه وحدها مباحة، واجتماعهما ليس مباحا. [ ص: 145 ] ونهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها وخالتها،
وكذلك كل واحد من الضدين مقدور ممكن، وليس الجمع بينهما مقدورا ممكنا. وكذلك الجائع إذا حضرته أطعمة يكفيه كل منها، فكل منها مباح له أكله، ولا يباح له أكل المجموع حتى يبشم ويموت. وكذلك من قال لغيره: خذ عبدا من عبيدي، أو فرسا من خيلي، كل منها مباح له، وليس المجموع مباحا له. فإذا قيل: كل من هذه مباح، لم يستلزم أن يكون المجموع مباحا.