وأما الوجه الثالث: قولك: لو كان غير متناه من جميع الجوانب أوجب أن لا يخلو شيء من عن ذاته؛ فحينئذ يلزم أن يكون العالم مخالطا لأجزائه وأن تكون القاذورات والنجاسات كذلك، وهذا لا يقوله عاقل، فإن أردت أن ليس في المكلفين من العقلاء من يقوله، فقد قاله منهم طوائف كما ذكرناه عن الجهات والأحياز أنه نقل ذلك عن [ ص: 769 ] طائفتين ممن يقول إنه ليس مساحة، طائفة تقول إنه جسم وطائفة تنفي الجسم، وأيضا فطوائف من الأشعري الجهمية يقولون إنه بذاته في كل مكان، وقد ذكر الأئمة والعلماء ذلك عن الجهمية، وردوا ذلك عليهم، وطوائف أخر يقولون إنه موجود الذات في كل مكان، وأنه على العرش، كما نقل عن الأشعري زهير وأبي معاذ.