الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه السابع: أن وجود كونه فوق العالم أمر مشروط بوجود العالم، فإنه قبل خلق العالم لا يقال إنه فوقه ولا إنه ليس فوقه؛ إذ العلو والفوقية هي من الأمور التي فيها نسبة وإضافة، وإن كان الناس قد تنازعوا هل علوه وفوقيته واستواؤه على العرش من الصفات الذاتية التي وجبت له بنفس ذاته؟ وإن كان [ ص: 617 ] فيه إضافة ظهر حكمها بخلق العالم والعرش كما يقولون في المشيئة والعلم أو هو من الصفات الفعلية، وأنه استوى على العرش بعد أن لم يكن مستويا عليه؟ أو هو إضافة محضة بينه وبين العرش أم متضمن لأمرين من ذلك أو للأمور الثلاثة؟ فلا ريب أن وجود العلو على العرش والاستواء عليه [ ص: 618 ] إنما هو بعد خلقه، ولو قدر أن العالم أو العرش خلق في حيز آخر لكان الله سبحانه وتعالى عاليا عليه ومستويا عليه حيث خلق، كما أنه سبحانه إذا كان مع عبده بعلمه وقدرته أو نصره وتأييده وغير ذلك، فحيث كان العبد كان مع الله وإذا كان كذلك لم يكن لبعض الأحياز حقيقة يتميز بها عن حيز آخر لأجلها يستحق أن يكون الله فيه، وإنما وجوب اختصاصه هو تابع لوجوب علوه ولاستوائه، وعلوه واستواؤه على عرشه ينافي أن لا يكون عاليا عليه فما يفرض من سفول وتياسر ونحو ذلك مما ينافي العلو كان منتفيا؛ لأن أحد النقيضين ينفي الآخر لا لصفة ثابتة لأحد الحيزين دون الآخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية