الوجه السادس: أن هذا الوجه معارض بما اختص الله به سبحانه من الحقيقة والصفات، فإن الاختصاص بالوصف كالاختصاص بالقدر؛ فهو مختص بالحياة والعلم والقدرة وغير ذلك؛ بحيث له صفات مخصوصة يمتنع اتصافه بأضدادها ونقائضها، ويقال فيها نظير ما قاله في المقدار بأن يقال: [ ص: 790 ] فإن كانت متناهية، فكل متناه يستدعي مخصصا ويقبل الزيادة والنقص كما قدره في المقدار، وإن لم تكن متناهية لزم وجود صفات لا نهاية لها وفرض وصف لا نهاية له كفرض قدر لا نهاية له؛ فإن الصفة لابد لها من محل، ويلزم من عدم تناهيها عدم تناهي محلها. إما أن تكون الصفات متناهية أو غير متناهية من وجه دون وجه.
وأيضا فإن كل صفة متميزة عن الأخرى، فيكون للصفات عدد، فإما أن يكون عدد الصفات يتناهى أو لا يتناهى، فإن تناهى لزم الأول، وإن لم يتناه لزم الثاني، وإذا كان له أعداد لا تتناهى فهو كمقدار لا يتناهى، فكلما يحتج له على امتناع مقدار لا يتناهى يحتج به على امتناع عدد صفات لا تتناهى؛ إذ ما يفرض من المسامتة وعدمها في المقدار يفرض من المطابقة وعدمها في الأعداد.
وهذا الوجه يمكن أن يلزم به كل أحد، فإنه لابد من الاعتراف بموجود له خاصية يتميز بها عما سواه؛ إذ وجود ليست له خاصة تميزه ممتنع، والكليات مع كونها موجودة في الأذهان، فتميز ما في نفس زيد عما في نفس عمرو؛ فإنها من الصفات القائمة بالأذهان، وإذا كان لكل موجود خاصة يتميز بها سواء كان واجبا بذاته أو كان ممكنا؛ فالقول في اختصاصه بتلك الخاصة كالقول في اختصاصه بقدر.