فإن قالوا: لم لا يجوز أن يكون اختصاصه بجهة فوق أزلي؟ قلنا: هذا باطل لوجوه:
أحدها: أنه فلم يكن هناك لا فوق ولا تحت، فبطل قولكم. قبل خلق العالم ما كان إلا الخلاء الصرف والعدم المحض،
الثاني: لو كان الفوق متميزا عن التحت بالتميز الذاتي لكانت أمورا موجودة قابلة للانقسام، وذلك يقتضي قدم الجسم؛ لأنه لا معنى للجسم إلا ذلك.
الثالث: هو أنه لو جاز أن تختص ذات الإله تعالى ببعض الجهات على سبيل الوجوب مع كون الأحياز متساوية في [ ص: 794 ] العقل لجاز اختصاص بعض الحوادث المعينة ببعض الأوقات دون بعض على سبيل الوجوب مع كونها متساوية في العقل، وعلى هذا التقدير يلزم استغناؤها عن الصانع، ولجاز أيضا اختصاص عدم القديم ببعض الأوقات على سبيل الوجوب، وعلى هذا التقدير ينسد باب إثبات الصانع وباب إثبات وجوبه وقدمه.
الرابع: أنه لو حصل في حيز معين مع كونه لا يمكنه الخروج منه لكان كالمفلوج الذي لا يمكنه أن يتحرك أو كالمربوط الممنوع من الحركة، وذلك نقص، والنقص على الله محال.