الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : وصف أنس وغيره كف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليونة ، وهو مخالف لوصف هند له بالشثن وهو الغلظ مع الخشونة كما قال الأصمعي .

                                                                                                                                                                                                                              قال الحافظ رحمه الله تعالى : والجمع بينهما : أن المراد باللين في الجلد والغلظ في العظام ، فيجتمع له نعومة البدن وقوته .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن بطال رحمه الله تعالى : كانت كفه صلى الله عليه وسلم ممتلئة لحما غير أنها مع ضخامتها كانت لينة كما في حديث المستورد . وأما قول الأصمعي : الشثن غلظ الكف مع خشونة فلم يوافق على تفسيره بالخشونة ، والذي فسر به الخليل أولى . وعلى تسليم ما فسر به الأصمعي يحتمل أن يكون وصف كف النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا عمل في الجهاد أو مهنة أهله صار كفه خشنا للعارض المذكور ، وإذا ترك ذلك رجع إلى أصل جبلته من النعومة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال القاضي : فسر أبو عبيد الشثن بالغلظ مع القصر وتعقب بأنه ثبت في وصفه صلى الله عليه وسلم أنه كان سائل الأطراف . انتهى . [ ص: 76 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقال الحافظ : ويؤيد كون كفه صلى الله عليه وسلم لينا قوله في رواية النعمان : كان سبط الكفين بتقديم المهملة على الموحدة فإنه موافق لوصفها باللين .

                                                                                                                                                                                                                              والتحقيق في الشثن أنه غلظ من غير قصر ولا خشونة .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : زعم الحكيم الترمذي وتبعه أبو عبد الله القرطبي والدميري في شرح المنهاج أن سبابة النبي صلى الله عليه وسلم كانت أطول من الوسطى . قال ابن دحية : وهذا باطل بيقين ولم ينقله أحد من ثقات المسلمين مع إشارته صلى الله عليه وسلم بأصبعه في كل وقت وحين ، ولم يحك ذلك عند أحد من الناظرين .

                                                                                                                                                                                                                              وفي مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين» وفي رواية : فقرن شعبة بين إصبعيه المسبحة والوسطى كليهما .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي وحسنه عن المستورد بن شداد يرفعه : « بعثت في نفس الساعة فسبقتها كما سبقت هذه هذه » . لإصبعه السبابة والوسطى .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الحافظ في فتاويه : ما قاله الترمذي الحكيم خطأ نشأ عن اعتماد رواية مطلقة ، ولكن الحديث في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود عن ميمونة بنت كردم رضي الله تعالى عنهما قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهو على ناقة له وأنا مع أبي . فذكرت الحديث إلى قولها : فدنا منه أبي فأخذ بقدمه فأقر له رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : فما نسيت فيما نسيت طول إصبع قدمه السبابة على سائر أصابعه . الحديث . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              وقد جزم الإمام العلامة فتح الدين ابن الشهيد رحمه الله تعالى بأن ذلك كان في سبابة قدمه صلى الله عليه وسلم فقال في سيرته المنظومة التي لا نظير لها في بابها :


                                                                                                                                                                                                                              ووصف زينب بنت كردم فيما رأته عينها في القدم

                                                                                                                                                                                                                              فإنها سميت في الرواية ميمونة . وكذا في الباب بعده :


                                                                                                                                                                                                                              سبابة النبي كانت أطول     أصابع النبي فاحفظ واسأل

                                                                                                                                                                                                                              كردم بوزن جعفر .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية