تنبيه
قال
السهيلي : لو تأمل
ابن الزبعرى وغيره من كفار
قريش الآية لرأى أن اعتراضه غير لازم من وجهين :
أحدهما : أنه خطاب متوجه على الخصوص
لقريش عبدة الأصنام ، وقوله «إنا نعبد الملائكة» حيدة ، وإنما وقع الكلام والمحاجة في اللات والعزى وهبل وغير ذلك من أصنامهم .
والثاني : أن لفظ التلاوة :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إنكم وما تعبدون ولم يقل ومن تعبدون فكيف يلزم اعتراضه
بالمسيح وعزير والملائكة ، وهم يعقلون والأصنام لا تعقل؟ ومن ثم جاءت الآية بلفظ ما الواقعة على ما لا يعقل . انتهى .
وقال بعض العلماء : إن
ابن الزبعرى من فصحاء
العرب لا يخفى عليه موضع «من» من «ما» وإنما إيراده من جهة القياس والعموم المعنوي الذي يعم الحكم فيه لعموم علته أي إن كان كونه معبودا يوجب أن يكون حصب جهنم فهذا المعنى موجود في الملائكة
والمسيح وعزير .
وأجيب بالفارق من وجوه :
الأول : الآية المتقدمة ، لأن
عزيرا والمسيح ممن سبقت لهم الحسنى فالتسوية بين الملائكة والأنبياء وبين الأصنام والشياطين من جنس التسوية بين البيع والربا وهو شأن أهل الباطل يسوون بين ما فرق الشرع والعقل والفطرة بينه ، ويفرقون بين ما سوى الله عز وجل ورسوله بينه .
الثاني : الأوثان حجارة غير مكلفة ولا ناطقة ، فإذا حصب بها جهنم إهانة لها ولعابديها- لم يكن في ذلك تعذيب من لا يستحق العذاب .
الثالث : أن من عبد هؤلاء بزعمه فإنهم لم يدعوا إلى أنفسهم ، وإنما عبد المشركون
[ ص: 467 ] الشياطين وتوهموا أن العبادة لهؤلاء ، وقد برأ الله تعالى الملائكة
والمسيح وعزيرا من ذلك ، فما غير الله إلا الشياطين .
وهذه كلها منتزعة من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إن الذين سبقت لهم منا الحسنى وإذا تأمل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وقودها الناس والحجارة [التحريم 6] فأخرج من خلاله أن معبودهم معذبهم المشتعل عليهم ، فهو أبلغ في النكال وقطع الآمال .
الحيدة : بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية وهي العدول .
ومنهم
nindex.php?page=treesubj&link=19051الأخنس بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وفتح النون فسين مهملة ، ابن شريق - بفتح الشين المعجمة وبالقاف- الثقفي واسمه أبي وذكر غير واحد أنه أسلم بعد ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : وكان من أشراف القوم وممن يستمع منه وكان يصيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرد عليه ،
nindex.php?page=treesubj&link=28861_29039فأنزل الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10ولا تطع كل حلاف كثير الحلف بالباطل
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10مهين حقير
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11هماز عياب أي مغتاب
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11مشاء بنميم أي ساع بالكلام بين الناس على وجه الإفساد بينهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12مناع للخير يمنع الناس من الخير من الإيمان والإنفاق والعمل الصالح
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12معتد ظالم
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12أثيم كثير الإثم
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13عتل غليظ جاف
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13بعد ذلك بعد ما عد من مثالبه
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13زنيم [القلم : 1- 13] دعي في
قريش قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وأنشد على ذلك قول الشاعر :
زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم أكارعه
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر وبه قال
عكرمة وأنشد قول الشاعر :
زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم
وقيل إنه كان له زنمتان حقيقة .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : هو رجل من
قريش نعت فلم يعرف حتى قيل زنيم وكان له زنمة زائدة في عنقه يعرف بها .
تَنْبِيهٌ
قَالَ
السُّهَيْلِيُّ : لَوْ تَأَمَّلَ
ابْنُ الزِّبِعْرَى وَغَيْرُهُ مِنْ كُفَّارِ
قُرَيْشٍ الْآيَةَ لَرَأَى أَنَّ اعْتِرَاضَهُ غَيْرُ لَازِمٍ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ خِطَابٌ مُتَوَجِّهٌ عَلَى الْخُصُوصِ
لِقُرَيْشٍ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ ، وَقَوْلُهُ «إِنَّا نَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ» حَيْدَةٌ ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْكَلَامُ وَالْمُحَاجَّةُ فِي اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَهُبَلٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَصْنَامِهِمْ .
وَالثَّانِي : أَنَّ لَفْظَ التِّلَاوَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ وَلَمْ يَقُلْ وَمَنْ تَعْبُدُونَ فَكَيْفَ يُلْزِمُ اعْتِرَاضَهُ
بِالْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ وَالْمَلَائِكَةِ ، وَهُمْ يَعْقِلُونَ وَالْأَصْنَامُ لَا تَعْقِلُ؟ وَمِنْ ثَمَّ جَاءَتِ الْآيَةُ بِلَفْظِ مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ . انْتَهَى .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إِنَّ
ابْنَ الزِّبِعْرَى مِنْ فُصَحَاءِ
الْعَرَبِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَوْضِعُ «مَنْ» مِنْ «مَا» وَإِنَّمَا إِيرَادُهُ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ وَالْعُمُومِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي يَعُمُّ الْحُكْمُ فِيهِ لِعُمُومِ عِلَّتِهِ أَيْ إِنْ كَانَ كَوْنُهُ مَعْبُودًا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حَصَبَ جَهَنَّمَ فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْمَلَائِكَةِ
وَالْمَسِيحِ وَعُزَيْرٍ .
وَأُجِيبَ بِالْفَارِقِ مِنْ وُجُوهٍ :
الْأَوَّلُ : الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ ، لِأَنَّ
عُزَيْرًا وَالْمَسِيحَ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُمُ الْحُسْنَى فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَبَيْنَ الْأَصْنَامِ وَالشَّيَاطِينِ مِنْ جِنْسِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرِّبَا وَهُوَ شَأْنُ أَهْلِ الْبَاطِلِ يُسَوُّونَ بَيْنَ مَا فَرَّقَ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ بَيْنَهُ ، وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا سَوَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ بَيْنَهُ .
الثَّانِي : الْأَوْثَانُ حِجَارَةٌ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ وَلَا نَاطِقَةٍ ، فَإِذَا حُصِبَ بِهَا جَهَنَّمُ إِهَانَةً لَهَا وَلِعَابِدِيهَا- لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَعْذِيبُ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ .
الثَّالِثُ : أَنَّ مَنْ عَبَدَ هَؤُلَاءِ بِزَعْمِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدْعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَإِنَّمَا عَبَدَ الْمُشْرِكُونَ
[ ص: 467 ] الشَّيَاطِينَ وَتَوَهَّمُوا أَنَّ الْعِبَادَةَ لِهَؤُلَاءِ ، وَقَدْ بَرَّأَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ
وَالْمَسِيحَ وَعُزَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ، فَمَا غَيْرُ اللَّهِ إِلَّا الشَّيَاطِينُ .
وَهَذِهِ كُلُّهَا مُنْتَزَعَةٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=101إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى وَإِذَا تَأَمَّلَ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التَّحْرِيمِ 6] فَأَخْرَجَ مِنْ خِلَالِهِ أَنَّ مَعْبُودَهُمْ مُعَذِّبُهُمُ الْمُشْتَعِلُ عَلَيْهِمْ ، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي النَّكَالِ وَقَطْعِ الْآمَالِ .
الْحَيْدَةُ : بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَهِيَ الْعُدُولُ .
وَمِنْهُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=19051الْأَخْنَسُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ النُّونِ فَسِينٍ مُهْمَلَةٍ ، ابْنُ شَرِيقٍ - بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْقَافِ- الثَّقَفِيُّ وَاسْمُهُ أُبَيٌّ وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ الْقَوْمِ وَمِمَّنْ يُسْتَمَعُ مِنْهُ وَكَانَ يُصِيبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28861_29039فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ كَثِيرِ الْحَلِفِ بِالْبَاطِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=10مَهِينٍ حَقِيرٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11هَمَّازٍ عَيَّابٍ أَيْ مُغْتَابٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=11مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ أَيْ سَاعٍ بِالْكَلَامِ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الْخَيْرِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِنْفَاقِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12مُعْتَدٍ ظَالِمٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=12أَثِيمٍ كَثِيرِ الْإِثْمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13عُتُلٍّ غَلِيظٍ جَافٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا عُدَّ مِنْ مَثَالِبِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=13زَنِيمٍ [الْقَلَمِ : 1- 13] دَعِيٍّ فِي
قُرَيْشٍ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنْشَدَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
زَنِيمٌ تَدَاعَاهُ الرِّجَالُ زِيَادَةً كَمَا زِيدَ فِي عَرْضِ الْأَدِيمِ أَكَارِعُهُ
رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=13359وَابْنُ عَسَاكِرَ وَبِهِ قَالَ
عِكْرِمَةُ وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
زَنِيمٌ لَيْسَ يُعْرَفُ مَنْ أَبُوهُ بَغِيُّ الْأُمِّ ذُو حَسَبٍ لَئِيمِ
وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ لَهُ زَنَمَتَانِ حَقِيقَةً .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : هُوَ رَجُلٌ مِنْ
قُرَيْشٍ نُعِتَ فَلَمْ يُعْرَفْ حَتَّى قِيلَ زَنِيمٌ وَكَانَ لَهُ زَنَمَةٌ زَائِدَةٌ فِي عُنُقِهِ يُعْرَفُ بِهَا .