فصل : والاستطاعة الخامسة : ، فإن قبل المال لزمه الحج لحدوث الاستطاعة ، وإن لم يقبل نظر في الباذل للمال فإن كان من غير والد ولا ولد لم يلزمه قبول المال ، وفارق قبول الطاعة من وجهين : أن يكون غير مستطيع بماله وبدنه وفقره وزمانته لكن يبذل من المال قدر كفايته
أحدهما : لحوق المنة في قبول المال وعدمها في قبول الطاعة ، لأن في بعض العبادات ما يلزم الاستغناء به فيها بالغير ، كاستعارة ثوب وتعرف القبلة ، وليس عبادة يلزم الاستغناء به فيها بمال الغير .
والثاني : أن في قبول المال ومملكه إيجاب سبب يلزمه به الفرض ، وهو القبول وربما حدثت عليه حقوق كانت ساقطة ، فيلزمه صرف المال إليها من وجوب نفقة وقضاء دين ، وليس كذلك بذل الطاعة لأنه إذا علمه طايعا ، فقد لزمه الفرض من غير إحداث سبب ، ولا خوف ما يلزمه صرف الطاعة إليه ، فبان الفرق بينهما ، وإن كان الباذل والدا فعلى وجهين :
أصحهما : لا يلزمه قبول المال منه لما ذكرناه .
والوجه الثاني : يلزمه قبول المال منه لأن الابن يخالف غيره في باب المنة ، فأما إن بذل له المال صار فرضا في ذمته ، فلا يختلف المذهب أنه لا يلزمه قبوله ، ولا حج عليه لما يتعلق من الدين بذمته ، والمروي عن طارق عن عبد الله بن أبي أوفى أنه قال : قلت يا رسول الله إذا وجد من يستقرض منه أيلزمه الحج فقال : " لا " .