الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما من كان مسكنه بين ميقاتين :

                                                                                                                                            أحدهما : أمامه ، والآخر وراءه ، كأهل الأبواء والعرج والسقيا ، والروحاء وبدر والصفراء فمعلوم أن مسكنهم بين ذي الحليفة والجحفة ، وهما ميقاتان ، فذو الحليفة وراءهما ، والجحفة أمامهم ، فينظر في حالهم ، فمن كان منهم في جادة المغرب والشام الذين [ ص: 76 ] هم على طريق الجحفة ، كأهل بدر والصفراء ، فميقاتهم من الجحفة التي هي أمامهم ، لأن الجحفة لما كانت ميقاتا لأهل المغرب والشام الذين هم أبعد دارا منهم ، فأولى أن يكون ميقاتا لهم ، ومن كان منهم في جادة المدينة ، وعلى طريق ذي الحليفة ، كأهل الأبواء والعرج ، فميقاتهم من موضعهم اعتبارا بذي الحليفة ، لكونهم على جادتها ، وانفصالهم عن الجحفة يبعدهم عنها ، ومن كان منهم بين الجادتين كأهل بني حرب ، فإن كانوا إلى جادة المدينة أقرب ، أحرموا من موضعهم ، وإن كانوا إلى جادة الشام أقرب ، أحرموا من الجحفة ، وليس الاعتبار بالقرب من الميقاتين ، وإنما الاعتبار بالقرب من الجادتين ، وإن كانوا بين الجادتين على سواء ، ولم تكن إحدى الجادتين أقرب إليهم من الأخرى ، فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنهم يحرمون من موضعهم ، كمن هو إلى جادة المدينة أقرب تغليبا لحكم الاحتياط .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنهم بالخيار بين الإحرام من موضعهم ، وبين الإحرام من الجحفة : لأن تساوي الحالين يوجب تساوي الحكمين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية