الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الحكم الثاني وهو وجوب القضاء : فهو عندنا واجب .

                                                                                                                                            وقال مالك في أحد رواياته : القضاء غير واجب ، وبه قال عطاء .

                                                                                                                                            والدلالة عليهما ما ذكرناه من إجماع الصحابة ، وأمرهم بالقضاء ؛ ولأن المانع من إجزاء الحج شيئان : فوات وفساد ، فلما كان الفساد موجبا للقضاء وجب أن يكون الفوات موجبا للقضاء ، وتحرير ذلك قياسا أنه أحد ما يعم الإجزاء فوجب أن يوجب القضاء كالفساد ، فإذا ثبت أن القضاء عليه واجب فعليه قضاء الحج لا غير .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : عليه أن يقضي حجة وعمرة ، والدلالة عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم أنهم أمروا بقضاء الحج ولم يأمروا بقضاء العمرة ؛ ولأن القضاء إنما يجب فيما اشتمل عليه إحرام الأداء ، فلما كان في الأداء محرما بالحج دون العمرة وجب أن يلزمه قضاء الحج دون العمرة ، استشهادا بسائر الأصول ؛ ولأن حكم الفساد أغلظ من حكم الفوات ، فإذا لم [ ص: 239 ] يلزمه بالفساد إلا قضاء ما أفسد من الحج ، وجب أن لا يلزمه بالفوات إلا قضاء ما فات من الحج ، وإذا ثبت أن قضاء الحج وحده واجب عليه فهل يجب على الفور في عامه المقبل ، أم على التراخي ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : على التراخي دون الفور كأصل الحج .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : على الفور في عامه المقبل من غير تأخير وهو الصحيح ؛ لأنه إجماع الصحابة : لأنهم قالوا : وليحج من قابل ، فلو فاته الوقوف في القضاء كان كفواته في الأول .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية