فصل : فأما أهل مكة والحرم وحاضريه وهو ما بينه وبين الحرم مسافة لا تقصر في مثلها الصلاة ، فلا دم عليهم في معا نص عليه التمتع والقران الشافعي : ولا يكره لهم ذلك ، وقال أبو حنيفة يكره لهم التمتع والقران ، فإن فعلوا فعليهم دم كغيرهم ، واستدل على كراهة ذلك لهم بقوله تعالى : ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام [ البقرة : 196 ] ، فاستثنى حاضري المسجد الحرام في إباحة التمتع ، وهذا خطأ لقوله تعالى : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج [ البقرة : 196 ] ، وهذا شرط ثم قال : فما استيسر من الهدي [ البقرة : 196 ] ، وهذا جزاء ثم قال : ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام [ البقرة : 196 ] ، وهذا استثناء يرجع إلى الدم الذي هو الخبر لا إلى الشرط كقوله : من دخل الدار فأعطه درهما إلا أن يكون مكيا تقديره فلا تعطه شيئا ، ولأن قوله : " فمن تمتع بالعمرة " إخبار وقوله : " فما استيسر من الهدي " حكم ، وقوله " ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام " استثناء ، ولا يجوز أن يرجع الاستثناء إلى مجرد الخبر ، لأنه لا يصح أن يقول : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلا أن يكون من حاضري المسجد الحرام ، فعلم أن الاستثناء راجع إلى الحكم ، وهو الدم فصار تقدير الآية : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ، إلا أن يكون من حاضري المسجد الحرام فلا دم عليه ، ولأن كل نسك جاز لأهل الآفاق جاز لأهل مكة كالإفراد ، ولأن كأهل الآفاق ، ولأن كل ما لا يكره لغير كل من جاز له الإفراد جاز له التمتع والقران أهل مكة لا يكره لأهل مكة كسائر العبادات .