الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما لبس الخفين فغير جائز مع وجود النعلين ، وإن أجازه عبد الرحمن بن عوف ، لنص الخبر فإذا عدم النعلين ، جاز أن يلبس الخفين إذا قطعهما من دون الكعبين ، فإن لم يقطعهما ، لم يجز ، وعليه الفدية إن لبسهما ، وهو قول الجمهور ، وقال أحمد بن حنبل : يجوز أن يلبسهما غير مقطوعين ، عند عدم النعلين ، وبه قال من التابعين عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن سالم القداح ، استدلالا برواية أبي الشعثاء جابر بن زيد عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، وهو يقول : من لم يجد إزارا ، فليلبس سراويل ، ومن لم يجد نعلين ، فليلبس الخفين " . والدلالة على ما قلنا . رواية نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ، وليقطعهما أسفل من الكعبين " . فكان هذا أولى من حديث ابن عباس لزيادته ، فأما إن لبسهما مقطوعين مع وجود النعلين ، أو لبس شمشكين مع وجود النعلين ، فهل عليه الفدية أم لا على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يجوز لأنه إنما أمر بقطعهما عند عدم النعلين ، ليصير في معنى النعلين ، فلا يترفه بالمسح عليهما ، وهذا المعنى موجود فيهما مع النعلين وعدمهما .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو الصحيح - وقد نص عليه الشافعي في الأم - : أنه لا يجوز أن يلبسهما مقطوعين ، إلا عند عدم النعلين ، فأما مع وجودهما فلا ، وعليه الفدية إن لبسهما ، [ ص: 98 ] لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح لبسهما مقطوعين ، بشرط أن يكون عادما للنعلين ، فإذا لم يوجد الشرط لم توجد الإباحة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية