مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن أحدث توضأ وابتدأ فإن بنى على طوافه أجزأه " .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن من حدث ونجس ، الطواف لا يجزئ إلا بطهارة ، لم يجزه البناء ، وعليه أن يخرج من طوافه ويتطهر . فإن أحدث في طوافه ، أو حصلت على بدنه أو ثوبه نجاسة
قال الشافعي : خلعها ، فإن لم يخلعها ومضى في طوافه لم يجزه : لأن فإن حصلت في نعله نجاسة وهو في الطواف في جميعه ، فإذا ثبت أن عليه الخروج من طوافه للطهارة ، فخرج وتطهر ثم عاد . فإن كان الزمان قريبا بنى على الماضي من طوافه وأجزأه ، لأنه يسير استدامة الطهارة واجبة مباح ، لإجماعهم على التفريق في الطواف . وإن كان الزمان بعيدا ، ففي جواز البناء قولان : إباحة جلوسه للاستراحة
أحدهما : وهو قوله في القديم : يستأنف ولا يبني : لأنها عبادة من شرط صحتها الطهارة ، فوجب أن يكون من شرط صحتها الموالاة كالصلاة .
والقول الثاني : قاله في الجديد : يبني ولا يستأنف : لأنها عبادة تصح مع التفريق اليسير ، فوجب أن يصح مع التفريق الكثير ، كسائر أفعال الحج طردا والصلاة عكسا ، وسواء كان الحدث منه سهوا أو عمدا .
فإذا قلنا : يستأنف ألغى ما مضى وابتدأ به مستأنفا .
وإذا قلنا : يبني ، نظر . فإن كان خروجه من الطواف عند إكماله طوفته عند الحجر الأسود ، عاد فابتدأ بالطوفة التي تليها من الحجر . وإن كان قد ، فعلى وجهين : خرج في بعض طوفته قبل انتهائه إلى الحجر الأسود
أحدهما : يستأنفها من أولها ولا يبني على ما مضى منها : لأن التفريق بين أعداد الأطواف جائز : لأن ، وليس كذلك الطوفة الواحدة ، لا يستوي حكم جميعها ، فجاز أن يبني على أعدادها ، ولم يجز أن يبني على أبعاض آحادها . لكل طوفة حكم نفسها
والوجه الثاني : وهو أصح يبني على ما مضى منها : لأنه لما استوى حكم التفريق اليسير في الطوفة الواحدة والأطواف ، وجب أن يستوي حكم التفريق الكثير في الطوفة الواحدة والأطواف ، وكذلك فإذا أعاد ليبني كان على ما مضى . حكم الخارج من طوافه لحاجة ، كحكم الخارج من طوافه لحدث