الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فلو كان أصلع أو محلوق الرأس ، وليس على رأسه شعر ولا زغب ، فالمستحب له أن يمر الموسى على رأسه ولا يجب عليه .

                                                                                                                                            [ ص: 163 ] وقال أبو حنيفة : إمرار الموسى على رأسه واجب عليه ؛ لقوله تعالى : محلقين رءوسكم ومقصرين [ الفتح : 27 ] فعلق الحلق بالرأس فلم يسقطه ذهاب الشعر ، وهذا غلط لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الحكم متعلق بالشعر دون الرأس ، بدليل أنه لو كان على رأسه شعر فأمر الموسى على رأسه من غير حلق الشعر ، لم يجزه ، ولو أزال الشعر من غير إمرار الموسى على رأسه أجزأه ، وإذا كان حكم الحلق متعلقا بالشعر سقط الحكم بزوال الشعر ، كالأقطع الذراع يسقط عنه الغسل لزوال العضو الذي تعلق به الغسل .

                                                                                                                                            وتحريره قياسا أنه فرض يتعلق بجزء من بدنه ، فوجب أن يكون عدم الجزء مسقطا لفرضه كأعضاء الوضوء .

                                                                                                                                            والثاني : أن حكم الحلق يتعلق بوجود الاسم ، ولا يسمى حالقا بإمرار الموسى على رأسه من غير حلق الشعر ، بدليل أنه لو حلف لا يحلق رأسه ، فأمر الموسى على رأسه لم يحنث ، وإذا انتفى عنه اسم الحلق ، انتفى عنه حكم الحلق ، فإذا ثبت أن ذلك لا يجب عليه فيستحب له ، وإن لم يجب عليه ، لكن إن كان شعر خفي أو زغب غير طاهر أزاله ، ويستحب أن يأخذ من شعر لحيته وشاربه ، وإن لم يجب عليه ، كما يستحب للأقطع اليد من المرفق أن " يمس موضعه بالماء ، وإن لم يجب عليه ليكون خلقا مما فات ، ومنع ابن داود من ذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحية ، والدلالة عليه رواية ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحالق أن يأخذ من لحيته طولا وعرضا ، فلو كان على رأسه شعرة واحدة أو زغبه طاهر ، لزمه حلقه كما لو كان شعره باقيا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية