فصل : فإذا كان من الغد وهو يوم التروية الثامن من ذي الحجة ، أحرم إن لم يكن أحرم من قبل ، وأحرم الناس معه ، أو من بقي منهم غير محرم ، ويختار أن  يكون إحرامه بعد أن يطوف بالبيت سبعا توديعا له ، ويصلي ركعتين   ، فإذا زالت الشمس خرج إلى  منى   ، ولم يصل الظهر  بمكة   ، وإن خرج قبل الزوال جاز ، فإذا حصل  بمنى   صلى بها الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء والصبح من الغد وهو يوم  عرفة   ؛ لرواية  جعفر بن محمد   عن أبيه عن  جابر   أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم التروية  بمنى   الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ، ثم مكث حتى طلعت الشمس  ، ويستحب أن تكون  صلاته من  منى   في  مسجد الخيف    عند الأحجار التي بين يدي المنارة ، فإنه مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقال له مسجد " العيشومة " وذلك أن فيه عيشومة خضراء في الجدب والخصب بين حجرين من القبلة ، وتلك العيشومة قديمة لم تزل هناك ، وإنما اخترنا ذلك اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ولرواية  عطاء بن السائب   ، عن  سعيد بن جبير   عن  ابن عباس   قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "  قد صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا فيهم  موسى   ، وكأني أنظر إليه عليه عباءتان قطريتان ، وهو محرم على بعير مخطوم بخطام من ليف ، وله ضفيرتان     " ويختار عليه أن ينزل الخيف الأيمن من  منى   بين الأخشبين ، فقد روى  عبد الله بن عمر   قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "  إذا كنت بين الأخشبين من  منى      - ونفح بيد نحو المشرق - فإن هناك واديا يقال له وادي السرى به سبعون نبيا     " فإن ترك الإمام الصلاة  بمنى   والمبيت بها في هذه الليلة ، لم يتعلق بتركه جبران من دم ، ولا غيره ، وكذلك لو ترك وداع البيت بهذا الطواف ، فلا دم عليه ولا جبران ؛ لأنه بخروجه غير مفارق للبيت ، وإنما خرج ليعود إليه واختلف الناس لم يسمى الثامن من ذي الحجة التروية ، فقال قوم : لأن الناس يرتوون فيه من الماء من  بئر زمزم      : لأنه لم يكن  بعرفة   ولا  منى   ماء . وقال آخرون لأنه اليوم الذي رأى فيه  آدم   عليه السلام  حواء     . وقال آخرون ؛ لأن  جبريل   عليه السلام أرى فيه  إبراهيم   عليه السلام أول المناسك ، والله بذلك أعلم .  
				
						
						
