فصل : فإذا ثبت هذا ففي قولان : قدر ما يستحب له أن يأكل ويتصدق
أحدهما : وهو قوله في القديم : يأكل ، ويدخر الثلث ، ويهدي الثلث ، ويتصدق بالثلث ، وهو مذهب ابن مسعود ، وقد روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والقول الثاني : إن المستحب أن يأكل النصف ، ويتصدق بالنصف : لقوله تعالى : فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير [ الحج : 128 ] فكان ظاهره التسوية بين الأمرين . فأما الجائز من ذلك فما يقع عليه اسم الأكل والصدقة ، فإن تصدق بجميعها إلا رطلا أكله أجزأه ، وإن أكل جميعها إلا رطلا تصدق به أجزأه ، فلو تصدق بجميعها ، ولم يأكل منها شيئا أجزأه : لأن الأكل مباح وليس بواجب . ولو أكل جميعها ولم يتصدق بشيء منها لم يجزئه وكان ضامنا ، وفي قدرها يضمنه وجهان :
أحدهما : أنه يضمن منها قدر الجائز ، وهو ما يقع عليه الاسم : لأنه قد كان له فعل ذلك قبل التفويت ، فوجب أن لا يلزمه إلا ضمان ذلك القدر بعد التفويت .
والوجه الثاني : أنه يضمن منها قدر الاستحباب وهو النصف ، أو الثلث على اختلاف القولين ؛ لتقديره نصا بالسنة واستواء حكمها في ظاهر الآية ، والأول أقيس ، والله أعلم .