الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت هذا ففي قدر ما يستحب له أن يأكل ويتصدق قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قوله في القديم : يأكل ، ويدخر الثلث ، ويهدي الثلث ، ويتصدق بالثلث ، وهو مذهب ابن مسعود ، وقد روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                            والقول الثاني : إن المستحب أن يأكل النصف ، ويتصدق بالنصف : لقوله تعالى : فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير [ الحج : 128 ] فكان ظاهره التسوية بين الأمرين . فأما الجائز من ذلك فما يقع عليه اسم الأكل والصدقة ، فإن تصدق بجميعها إلا رطلا أكله أجزأه ، وإن أكل جميعها إلا رطلا تصدق به أجزأه ، فلو تصدق بجميعها ، ولم يأكل منها شيئا أجزأه : لأن الأكل مباح وليس بواجب . ولو أكل جميعها ولم يتصدق بشيء منها لم يجزئه وكان ضامنا ، وفي قدرها يضمنه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يضمن منها قدر الجائز ، وهو ما يقع عليه الاسم : لأنه قد كان له فعل ذلك قبل التفويت ، فوجب أن لا يلزمه إلا ضمان ذلك القدر بعد التفويت .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يضمن منها قدر الاستحباب وهو النصف ، أو الثلث على اختلاف القولين ؛ لتقديره نصا بالسنة واستواء حكمها في ظاهر الآية ، والأول أقيس ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية