مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويخطب الإمام بعد الظهر يوم النحر ويعلم الناس الرمي والنحر والتعجيل لمن أراده في يومين بعد النحر " .
قال الماوردي : فقد ذكرنا أن خطب الحج أربع ، مضى منها خطبتان وهذه الثالثة ، وهي يوم النحر بعد صلاة الظهر ، فيعلم الناس ما يحتاجون إليه في يومهم ، وما بقي عليهم من مناسكهم ، وقال أبو حنيفة : هذه الخطبة غير مسنونة فلا يخطبها : لقوله صلى الله عليه وسلم : لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع ، وليست منى مصرا ، فلم يجز أن يخطب بيوم النحر فيها ، ودليلنا رواية أبي أمامة الباهلي ، والهرماس بن زياد الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم النحر بعد صلاة الظهر على ناقته القصوى وقال : ما يومكم هذا ؟ قالوا : يوم النحر الأكبر . وروى أبو أمامة الباهلي قال : بمنى يوم النحر وهذا نص ، ولأنه يوم شرع فيه ركن من أركان الحج وهو طواف ، فوجب أن تشرع فيه الخطبة قياسا على يوم سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفة : ولأنه لما سنت الخطبة في يوم عرفة كان يوم النحر بذلك أولى لأمرين :
أحدهما : أنه يوم الحج الأكبر .
والثاني : لأنها مسنونة في غير الحج .
فأما قوله : لا جمعة ولا تشريق فليست هذه خطبة عيد ، وإنما هي خطبة حج فجازت في غير مصر .