فصل : فإن فعليه دم وفيه قولان : لم يودع البيت بالطواف حتى عاد إلى بلده
[ ص: 213 ] أحدهما : وهو قوله في القديم : إنه واجب : لأن طواف الوداع نسك ، ولأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ومن ترك نسكا فعليه دم .
والقول الثاني : نص عليه في الإملاء : هو استحباب وليس بواجب : لأنه لو كان نسكا واجبا لا يستوي فيه حال المعذور وغير المعذور والمقيم بمكة وغير المقيم بمكة ، فلما لم يكن نسكا للمقيم ، والحائض يلزمهما بتركه دم ، لم يكن نسكا لغير المقيم والحائض ، ولم يلزم بتركه دم ، فلو مكة نظر ، فإن ذكره على مسافة لا يقصر في مثلها الصلاة وذلك دون - اليوم والليلة ، رجع وطاف طواف الوداع ؛ لأنه من حكم المقيم ، وقد روي عن نفر قبل طواف الوداع ، ثم ذكر بعد خروجه من عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنه رد رجلا لم يودع البيت من مر ، وإن ذكره على مسافة تقصر في مثلها الصلاة وذلك يوم وليلة فظن لم يعد : لاستقرار فراقه وكان عليه الدم واجبا على أحد القولين ، واستحبابا على القول الثاني ، فلو عاد لم يسقط عنه الدم لاستقراره عليه ، وكان مبتدأ للدخول حرم إذا دخل ويودع إذا خرج . قال الشافعي : وطواف الوداع لا رمل فيه ولا اضطباع ؛ لأنه طواف لا يحتاج بعده إلى شيء ، وإذا خرج مودعا ولى ظهره إلى الكعبة ، ولم يرجع القول كما يفعله بعض عوام المتنسكين ، لأنه ليس فيه سنة مروية ولا أثر محكي ، ويستحب أن يقول عند خروجه من مكة ما رواه نافع عن ابن عمر قال : . كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من جيش أو حج أو عمرة فأرفأ على ثنية أو فدفد قال : آمنون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده