مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن جرح ظبيا فنقص من قيمته العشر فعليه من ثمن شاة ، وكذلك إن كان النقص أقل أو أكثر ( قال المزني ) عليه عشر الشاة أولى بأصله " .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في قتل الصيد ، فأما إذا ، فهذا على ضربين : جرح المحرم صيدا ، أو قطع منه عضوا
أحدهما : أن تسري الجراحة إلى نفسه فيموت ، فيلزمه أن يفديه بمثله من النعم : لأن السراية تضمن بالتوجيه .
والضرب الثاني : أن لا تسري إلى نفسه ، بل تندمل والصيد حي ، فهذا على ضربين : أحدهما : أن يكون الصيد غير ممتنع ، فعليه أن يفديه بجزاء كامل : لأنه لما حبسه عن الامتناع بجراحته فقد جعله في حكم الهالك .
والضرب الثاني : أن يكون الصيد بعد اندمال جراحته ممتنعا ، فعليه ضمان ما نقص بجراحته ، وبه قال عامة الفقهاء ، وقال داود بن علي الظاهري : جرح الصيد غير مضمون ، [ ص: 298 ] فإذا جرح صيدا ، أو قطع منه عضوا فلا ضمان عليه إلا أن يقتله استدلالا بقوله : ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم [ المائدة : 95 ] ، فلما أوجب الجزاء في قتله انتفى وجوب الجزاء في غير قتله ، قال : ولأن الجزاء كفارة ؛ لقوله تعالى : أو كفارة طعام مساكين [ المائدة : 95 ] ، والكفارة إنما تجب في النفوس ، ولا تجب في الأطراف والأبعاض ، والدلالة عليه هو قوله تعالى : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما [ المائدة : 96 ] ، والصيد هو المصيد ، فحرم الله تعالى أفعالنا فيه ، وإذا كان الجرح محرما كالقتل وجب أن يكون مضمونا كالقتل : ولأن كل حيوان كانت نفسه مضمونة كانت أطرافه مضمونة كالبهائم ، فأما الآية فإنها تقتضي إيجاب الجزاء الكامل في القتل ، ولا يبقى وجوب الضمان بنقص الجزاء فيما سوى القتل ، لا من طريق النطق ولا من طريق الاستدلال ، وأما قوله : إن الجزاء كفارة لأن الله تعالى سماها باسم الكفارة ، فهي إن كانت مسماة بالكفارة فذاك في الإطعام دون الجزاء ، وهي في معنى حقوق الأموال .