فصل : وإن كان فله أن يأكل منه ؛ لقوله سبحانه وتعالى : الهدي تطوعا فكلوا منها وأطعموا ، [ الحج : 28 ] ، وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر علي رضوان الله عليه في اليمن فأشركه رسول الله بالثلث فنحر رسول الله ستا وستين بدنة وأمر عليا فنحر أربعا وثلاثين ثم أمر من كل جزور بنصفه فجعلت في قدر فأكلا من الفحم وحسوا من المرق " فإذا ثبت جواز أكله منه فعليه أن يطعم الفقراء منه فيكون أكله مباحا وإطعام الفقراء واجبا . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى [ ص: 380 ] مائة بدن فقدم
وقال ابن سريج : إطعام الفقراء مباح كالأكل فإن أكل جميعها جاز ، وقال أبو حفص بن الوكيل : الأكل واجب كإطعام الفقراء ، فإن أطعم جميعه الفقراء لم يجز ومذهب الشافعي أن الأكل مباح والإطعام واجب وهو أصح ، لأن المقصود بالهدي القربة والقربة في إطعام الفقراء دون أكله في نفسه .
فإذا ثبت هذا فالكلام بعد ذلك في فعلين :
أحدهما : في الاستحباب .
والثاني : في الإجزاء ، فأما الاستحباب في قدر ما يأكل منه فعلى قولين :
أحدهما : هو قوله في القديم : يأكل ويدخر الثلث ويهدي إلى المتحملين الثلث ويتصدق على المساكين بالثلث ؛ لقوله تعالى : فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر [ الحج : 36 ] ، فاقتضى فجعله مشتركا بينه وبين القانع والمعتر أن يكون بينهم أثلاثا .
قال ابن عباس : القانع الذي يقتنع بما أخذه ولا يسأل ، والمعتر هو الذي يعتريك بالسؤال وهو الملح .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد : إن المستحب أن يأكل ويدخر النصف ويتصدق على المساكين بالنصف ؛ لقوله تعالى : فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ، [ الحج : 28 ] .