مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويكفيه أن ينوي حجا أو عمرة عند دخوله فيه وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالغسل وتطيب لإحرامه وتطيب ابن عباس وسعد بن أبي وقاص " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : وقال الإحرام ينعقد لمجرد النية أبو حنيفة : لا ينعقد الإحرام بمجرد النية حتى يضم إليه أحد شيئين ، إما التلبية ، أو سوق الهدي . فإن ساق الهدي انعقد إحرامه ، وإن لم يلب ولم يسق الهدي لم ينعقد إحرامه ، إلا أن يلبي استدلالا برواية عائشة أن " النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " . وهذا أمر وبرواية [ ص: 82 ] من أراد الحج فليهل جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : " منى فأهلوا " . وحقيقة الإهلال ، إظهار الحالة بالتلبية ، ولأنها عبادة يتعلق بإفسادها الكفارة ، فوجب ألا يصح الدخول فيها بمجرد النية ، كالصلاة ، لا يدخل فيها بمجرد النية حتى يضم إليها دخول الوقت ، : لأنها عبادة شرع في انتهائها ذكر ، فاقتضى أن يجب في ابتدائها ذكر كالصلاة . والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه ، ورواية إذا توجهتم إلى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أنه قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينوي إلا الحج فلما دنونا من مكة قال : من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة " . فأخبر أنهم أحرموا بمجرد النية دون التلبية ، ومعلوم برواية جابر أنه لم يكن فيهم من ساق الهدي إلا النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة بن عبيد الله . فثبت أن الإحرام ينعقد بمجرد النية ، وإن لم يضم إليه سوق الهدي ، ولا التلبية . وروى عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : " . فالعج رفع الصوت بالتلبية ، والثج إراقة دم الهدي . فأخرجهما مخرج الفضل ، وجمع بينهما في الحكم ، ومن حكم الإراقة أنها غير واجبة ولأن انعقاد الإحرام لا يقف عليها فكذلك التلبية ، ولأنها عبادة يصح الخروج منها بغير ذكر ، فوجب أن يصح . الدخول فيها بغير ذكر كالصوم ، ولأن الإحرام ركن من أركان الحج ، فوجب ألا يكون الذكر فيه شرطا ، كالوقوف والطواف . قلت يا رسول الله أي العمل أفضل - يعني في الحج - فقال : " العج والثج
فأما الجواب عن الخبرين ، فهو أن الإهلال عبارة عن الإحرام لا عن التلبية ألا ترى إلى قول علي رضي الله عنه : إهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي إحرام كإحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما قياسهم على الصوم ، فموجبه أن يكون داخلا فيه بالنية والوقت ، وكذا يقول في الإحرام : إنه يكون داخلا فيه بالنية والوقت .
وأما قياسهم على الصلاة فالمعنى فيه ، أنه لما لم يصح خروجه منها إلا بذكر واجب ، لم يصح دخوله فيها إلا بذكر واجب ، ولما لم يفتقر خروجه من الحج إلى ذكر واجب لم يفتقر دخوله فيه إلى ذكر واجب .