فصل :
فإذا ثبت أنه يجوز أن يكون عدلا إذا اجتنب ما يجتنبه عدول أهل العدل ، لم يمنع من قبول إلا في حالتين : شهادته
أحدهما : أن يرى من خالفه مباح الدم والمال ، فيكون بهذه الاستباحة فاسقا .
والحالة الثانية : أن يعتقد رأي الخطابية ، وهم قوم يرون الشهادة لموافقهم على مخالفهم فيما ادعاه عليه ، فيصدقه ، ثم يشهد له بذلك عند الحاكم .
وبنوه على أصولهم في أن الكذب في القول والإيمان بالله موجب للكفر وإحباط الطاعات .
فشهادة هؤلاء مردودة ، وفي علة ردها وجهان :
أحدهما : الفسق : لأنه اعتقاد يرده الإجماع .
والثاني : التهمة مع ثبوت العدالة : لأنه متهم في مماثلة موافقه ، فصار كشهادة الأب لابنه ، وإن كان على عدالة .
فعلى هذا : ترد شهادته إذا شهد بالحق مطلقا ، وإن شهد على إقرار من عليه الحق ، ففي رد شهادته وجهان : [ ص: 137 ] أحدهما : ترد شهادته في المقيد كردها في المطلق ، إذا قيل : إن العلة في ردها الفسق .
والثاني : - وهو قول أبي إسحاق المروزي - تقبل شهادته ولا ترد ، إذا قيل : إن العلة في ردها التهمة : لأنه يتهم في المطلق أنه لتصديق موافقه ، ولا يتهم في المقيد بالإقرار أن يقول : أقر عندي ولم يقر : لأنه كذب يوجب عندهم الكفر .