فأما قول الشافعي : وأكره أن يعمد قتل ذي رحم .
ينقسم ثلاثة أقسام : عمد القتل في قتال أهل البغي
أحدها : أن يكون رميه عميا يرمي إلى صفهم سهما ، لا يقصد به أحدا بعينه ، فيقتل به من أصابه فلا حرج عليه .
وهذا أولى ما فعله العادل في قتاله ، فيكون عامدا في القتل غير متعمد للمقتول .
[ ص: 139 ] والقسم الثاني : أن يعمد قتل رجل بعينه ، يقاتل أهل العدل وينكي فيهم ، فهذا مباح لا حرج فيه عليه : لأنه قتل دفع .
والقسم الثالث : أن يعمد قتل رجل بعينه قد كف عن القتال ، وهو واقف مع صفهم ، ففي عمد قتله وجهان محتملان :
أحدهما : محظور : لأن القصد بقتالهم الكف ، وهذا كاف فصار كالأسير الذي يحرم اعتماد قتله .
والوجه الثاني : لا يحرم : لأنه ردء لهم وعون ، فأجرى عليه حكم مقاتلتهم . فقد شهد حرب الجمل محمد بن طلحة بن عبيد الله ، وكان ناسكا عابدا ورعا يدعى السجاد .
فرآه علي عليه السلام واقفا فنهى عن قتله ، وقال : إياكم وصاحب البرنس . فقتله رجل ، وأنشأ يقول :
وأشعث قوام بآيات ربه قليل الأذى فيما ترى العين مسلم هتكت له بالرمح جيب قميصه
فخر صريعا لليدين وللفم يناشدني ( حم ) والرمح مشرع
فهلا تلا ( حم ) قبل التقدم على غير شيء غير أن ليس تابعا
عليا ومن لا يتبع الحق يظلم