مسألة : قال الشافعي : " ويقطع بأخف مؤنة وأقرب سلامة " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا ، ولا يقابل بسب ولا شتم ولا تعيير ، ولا يقطع قائما حتى يجلس ، ويمسك عند القطع حتى لا يضطرب ، أراد الإمام قطع يد السارق فينبغي أن يساق إلى موضع القطع سوقا رقيقا لا يعنف به ، ويتولى قطعه مأمون عارف بالقطع بأحد سكين وأمضاها ، ولا يضربها بالسكين فربما يخطئ موضع المفصل ، ولكن يضع السكين عليها ويعتمد جذبها بقوته حتى تنفصل بجذبة واحدة لا يكررها ، فإن لم تنفصل بجذبة واحدة أعادها حتى تنفصل ، ولا يدق السكين بحجر ، فإذا انفصلت وتمد يده بحبل حتى [ ص: 324 ] يتبين مفصلها ، فإن كان بدويا حسم بالنار : لأنها عادتهم ، وإن كان حضريا أغلى لها الزيت وحسمت فيه : لأن حسمها بالنار والزيت يسد أفواه العروق فتنقطع مجاري الدم ، فيقل الخوف على نفسه . حسم موضع القطع من يده
وقد روى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن أبي هريرة ، . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بسارق سرق شملة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما إخاله سرق . فقال السارق : بلى يا رسول . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهبوا به فاقطعوه ، ثم احسموه ، ثم ائتوني به . فقطع وأتي به فقال : تب إلى الله . فقال : قد تبت إلى الله . قال : تاب الله عليك
فإن ، فإن كان قطعها في قصاص لم يجبر على حسمها : لخروجه عن حدود الله ، وإن كان قطعها في سرقة ففي إجباره على حسمها وجهان : امتنع المقطوع من حسم يده
أحدهما : يجبر على حسمها : لأنه من تمام حد الله تعالى فيه .
والوجه الثاني : لا يجبر : لأنه يجري مجرى التداوي عن مرض ، وكما لا يجوز في القصاص ، ولا يجوز أن يحبس بعد قطعه ولا يشهر في الناس : لأن قطعه شهرة كافية ، ويطلق لوقته . ومن السنة أن يشد كفه المقطوعة في عنقه ، عند إطلاقه ، روى عبد الرحمن بن محيريز قال : سألنا فضالة بن عبيد عن أمن السنة هو ؟ قال : تعليق يد السارق في عنقه . أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسارق فقطعت يده ، ثم أمر بها فعلقت في عنقه