فصل :
والحكم الثالث في وهو معتبر بأقل ما يندفع به وأقله الكلام ، فإن كان يندفع بالكلام بالنهي والوعيد ولم يتجاوزه إلى ضرب ولا جراح ، فإن تجاوزه كان مأخوذا به . وإن لم يندفع بالكلام فإن له أن يتجاوزه إلى الضرب دون الجراح ، ويعتبر من عدد الضرب وصفته قدر ما يندفع به ، فإن تجاوزه إلى زيادة أو الجراح [ ص: 455 ] بالحديد ، ويعتبر فيه قدر ما يندفع به ، فإن تجاوزه إلى زيادة في الجراح أو إلى القتل كان مأخوذا به . وإن كان لا يندفع إلا بالقتل كان له قتله . وإن كان يندفع عنه بجراحة واحدة فجرحه جراحتين فمات منها ، فلا قود عليه في النفس ، وعليه نصف الدية : لأنه مات من جراحتين : إحداهما : مباحة لا تضمن ، والثانية : محظورة تضمن . وكذلك لو اندفع بجراحه فجرحه ثلاث جراحات ، ضمن نصف الدية ، وكذلك لو اندفع بجراحتين فجرحه ثلاثا ضمن نصف الدية ، ولا تتقسط الدية على أعداد الجراح ، إنما تتقسط على أحكامها في الحظر والإباحة كالمرتد إذا جرح في حال الردة بعد الإسلام ، وكالشريكين في الجراح إذا جرح أحدهما جراحة وجرح الآخر عشرا ، كانا في الدية سواء . وهكذا لو اندفع بقطع إحدى يديه فعاد بعد قطعها وقطع اليد الأخرى ضمنها ، فإن سرى القطع إلى نفسه فلا قود عليه في النفس ، وعليه نصف الدية ، وإن اندمل القطع كان عليه القود في اليد الثانية أو ديتها . ولا يجوز إذا ولى الطالب مدبرا أن يتبع بجراح ولا قتل ، ويكون ما فعله المطلوب بعد إدلائه عنه الطالب من جراح وقتل مضمونا عليه ، كالمحاربين إذا ولوا عن قطع الطريق ، والبغاة إذا أدبروا عن القتال . صفة الدفع