مسألة : قال الشافعي : " ، كان ذلك هدرا ، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ولو عض يده رجل فانتزع يده فندرت ثنيتا العاض وأهدر ثنيته " . أيدع يده في فيك تقضمها كأنها في في فحل
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وحكم الدفع عن الأطراف كحكم الدفع عن النفس ، فإذا عض يده فله أن ينتزعها من فيه ، وإن سقط بنزعها أسنان العاض كانت هدرا ، ولا يلزمه زجره بالقول قبل النزع . فإن لم يقدر على خلاصها بالنزع تجاوزه إلى أقل ما يمكن ، ولا يتجاوزه من الأقل إلى الأكثر ، وتنهدر بالجذب في الأحوال كلها أسنان العاض . ويقال للعض بالأسنان القضم ، وللعض بالأضراس الخضم ، ومنه قول الحسن البصري : يا ابن آدم تخضم وتقضم ، والحساب في البيدر .
، وبه قال فإذا سقطت أسنان العاض سقط ضمانها عن المعضوض أبو حنيفة .
وقال مالك ، وابن أبي ليلى : يضمنها المعضوض وإن لم يضمن النفس .
والدليل على سقوط الضمان في الأسنان والأطراف كسقوطه في النفس : ما رواه عطاء بن أبي رباح ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ، عن عميه يعلى بن أمية ، وسلمة بن أمية ، قالا : تبوك ، ومعنا صاحب لنا ، فقاتل رجلا من المسلمين ، فعض الرجل ذراعه فجذبها من فيه ، فطرح ثنيته ، فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس العقل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ينطلق أحدكم لأخيه فيعضه عضيض الفحل ، ثم يأتي يطلب العقل ، لا عقل له فأبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولأن حرمة النفس أغلظ ، وقد ثبت أنه لو لم يقدر على الخلاص منه إلا بالقتل لم يضمن ، فكان بأن لا يضمن ما دونها أجدر ، ولأن ترك يده في فيه حتى يزجره بالقول استصحاب ألم وزيادة ضرر ، فلم يلزم الصبر عليه رفقا بالعاض في زجره ووعظه . خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة