مسألة : قال الشافعي : " والوجه الثاني : إن ، فهو ضامن له : لأن عليه منعها في تلك الحال من كل ما أتلفت به أحدا . وكذلك إن كان سائقا أو قائدا ، وكذلك الإبل المقطورة بالبعير الذي هو عليه : لأنه قائد لها . وكذلك الإبل يسوقها ولا يجوز إلا كان الرجل راكبا فما أصابت بيدها أو رجلها أو فيها أو ذنبها من نفس أو جرح تحت الرجل ، ولا يضمن إلا ما حملها عليه فوطئته ، فأما من ضمن عن يدها ولم يضمن عن رجلها فهذا تحكم . وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن ضمان ما أصابت الدابة فهو خطأ : لأن الحفاظ لم يحفظوه هكذا " . الرجل جبار
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وهو الضرب الثاني ولها حالتان : من ضمان البهائم أن تكون سائرة ولا تكون راعية
إحداهما : أن يكون معها صاحبها .
والثانية : أن لا يكون معها .
فإن كان معها صاحبها ضمن جميع ما أتلفته برأسها ويدها ورجلها وذنبها سواء كان راكبا أو قائدا أو سائقا .
وقال أبو حنيفة : إن كان سائقا ضمن جميع ذلك كله ، كقولنا ، وإن كان قائدا أو راكبا ضمن ما أتلفته برأسها ويدها ، ولم يضمن ما أتلفته برجلها وذنبها : [ ص: 471 ] استدلالا برواية الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ولأنه إذا كان راكبا أو قائدا لم يمكنه أن يحفظ منها إلا رأسها ويدها فضمن ما تلف بهما ، ولا يمكنه أن يحفظ منها رجلها وذنبها ، فلم يضمن ما تلف بهما ، ويمكن السائق حفظ جميعه ، فضمن ما تلف بجميعه . ودليلنا : هو أنها بهيمة معها صاحبها ، فوجب أن يكون ضامنا لجنايتها كالسائق ، ولأنها جناية يضمنها سائقها ، فوجب أن يضمنها راكبها وقائدها ، كالجناية برأسها ويدها . الرجل جبار
فأما الجواب عن قوله : فمن وجهين : الرجل جبار
أحدهما : أنه ضعيف عند أصحاب الحديث ، قد أنكره الدارقطني وغيره .
والثاني : أن يحمل قوله : على معنى : " ذي الرجل جبار " كما قال صلى الله عليه وسلم : الرجل جبار معناه : في ذي خف وذي حافر ، ويكون موافقا لقوله : لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر وهو إذا لم يكن معها صاحبها . العجماء جرحها جبار
وأما الجواب عن قولهم : إن راكبها وقائدها لا يقدر على حفظ يدها وذنبها ، فمن وجهين :
أحدهما : أن راكبها وقائدها أضبط بها وأقدر على تصرفها باختيار من سائقها : فكان أولى بالضمان منه .
والثاني : أن رأسها ويدها في حق سائقها كرجلها وذنبها في حق قائدها ، فاقتضى أن يكونا في الحكم سواء .