الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل :

                                                                                                                                            وإذا أوقد نارا في داره ، أو سجر بها تنورا ، فطار من شرر النار ما أتلف وأحرق ، فلا ضمان فيه : لأنه غير متعد . وقد روى معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : النار جبار وفي تأويله وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن المراد به إباحة النار ، وأن من اقتبسها بغير إذن صاحبها لم يلزمه له قيمة .

                                                                                                                                            والثاني : أنه محمول على أن من أوقدها في حقه ، فتعدت إلى غيره لم يغرم موقدها ما أتلفته . وأما إذا أحرق بها حشيشا في أرضه ، فتعدت النار إلى زرع جاره فأحرقته ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون زرع الجار غير متصل بحشيش صاحب النار ، فلا ضمان عليه ، كما لا يضمن صاحب التنور ما أطارته الريح من شرر ناره .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون الزرع النابت متصلا بالحشيش المحروق ، فينظر في صفة الريح وقت إلقاء النار ، فإن كانت مصروفة عن جهة الزرع بهبوبها إلى غيره فلا ضمان على صاحب النار ، وإن كان هبوبها إلى جهة الزرع ، ففي الضمان وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجب : لأن من طبع النار أن تسري إلى جهة الريح .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يجب : لأن هبوب الريح ليس من فعله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية