روى ابن سعد عن تميم الدري قال : كنت بالشام حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت : أنا في جوار عظيم هذا الوادي فلما أخذت مضجعي إذا مناد يناديني لا أراه : عذ بالله فإن الجن لا تجير أحدا على الله . فقلت : أيم تقول؟ فقال : قد خرج رسول الأميين رسول الله وصلينا خلفه بالحجون وأسلمنا واتبعناه ، وذهب كيد الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد وأسلم .
فلما أصبحت ذهبت إلى دير أيوب فسألت راهبا وأخبرته الخبر فقال : صدق ، نجده يخرج من الحرم ومهاجره الحرم ، وهو خير الأنبياء فلا تسبق إليه .
قال تميم : فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
تفسير الغريب
مضجعي : بفتح الجيم ، وحكي الكسر .
أيم : قال في النور : وجدته بخط ابن قرقول مضبوطا بفتح الباء وإسكان الميم وأظنه وهما ، والصواب بفتح الهمزة وتشديد الياء وإسكانها وهما لغتان . والميم مفتوحة . قال في النهاية : أصله أي ما . أي : أي شيء هو ، فخفف الياء وحذف ألف ما .
الحجون : بفتح الحاء وضم الجيم : جبل بمكة .
دير أيوب : قرية بحوران .
تسبق : بضم أوله وفتح الموحدة مبني للمفعول .
الشخوص : بضم الشين والخاء المعجمتين فواو ساكنة فصاد مهملة : يقال شخص من البلد شخوصا إذا ذهب . غيره : أزعجه .
وروى عن البخاري مختصرا ، عبد الله بن عمر عن وابن إسحاق عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان ، عن وابن الجوزي محمد بن كعب القرظي ، وأبو يعلى ، والبيهقي والخرائطي سواد بن قارب مطولا قال ابن عمر ومحمد : إن بينما هو جالس في الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من العرب ، قال عمر وهو الخشني : سواد بن قارب . انتهى . داخل المسجد يريد فلما نظر عمر بن الخطاب ، إليه قال : إن الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد أو لقد كان كاهنا في الجاهلية . فسلم الرجل ثم جلس فقال له عمر هل أسلمت؟ عمر :
قال : نعم يا أمير المؤمنين . قال : فهل كنت كاهنا في الجاهلية؟ فقال له الرجل : سبحان الله يا . [ ص: 208 ]
أمير المؤمنين! لقد خلت في واستقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت ما وليت .
فقال اللهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شر من هذا ، نعبد الأصنام والأوثان حتى أكرمنا الله تعالى برسوله وبالإسلام . قال : نعم يا أمير المؤمنين كنت كاهنا في الجاهلية . عمر :
قال : فأخبرني ما جاءك به صاحبك .
قال : جاءني قبيل الإسلام بشهر أو شيعه . انتهى .
وقال سواد بن قارب : بينا أنا ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رئي فضربني برجله وقال : قم يا سواد بن قارب أتاك رسول من لؤي بن غالب ، يدعو إلى الله وإلى عبادته .
فرفعت رأسي وجلست فأدبر وهو يقول :
عجبت للجن وتطلابها وشدها العيس بأقتابها تهوي إلى مكة تبغي الهدى
ما صادق الجن ككذابها فارحل إلى الصفوة من هاشم
ليس قداماها كأدبارها
قال : فلما كانت الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال : قم يا سواد بن قارب فاسمع مقالتي واعقل إن كنت تعقل ، إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته ثم أنشأ يقول :
عجبت للجن وأخبارها ورحلها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ليس ذوو الشر كأخيارها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ما مؤمنو الجن ككفارها
عجبت للجن وتجساسها وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ما خير الجن كأنجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم وارم بعينيك إلى رأسها
فأنشأت أقول :
أتاني رئيي بعد هدء ورقدة ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة أتاك رسول الله من لؤي بن غالب
فشمرت عن ذيل الإزار ووسطت بي الذعلب الوجناء بين السباسب
فأشهد أن الله لا رب غيره وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك من وحي ربنا وإن كان فيما جاء شيب الذوائب
وكن لي شفيعا حين لا ذو قرابة بمغن قتيلا عن سواد بن قارب
قال عبد الله : فقال عند ذلك يحدث الناس : والله إني لعند وثن من أوثان الجاهلية في نفر من عمر قريش يقال لهم آل ذريح قد ذبح لهم رجل من العرب عجلا فنحن ننتظر قسمه ليقسم لنا منه إذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت قط أنفذ منه وذلك قبل الإسلام بشهر أو شيعه وهو يقول يا آل ذريح . وفي لفظ . يا جلبح ، أمر نجيح ، رجل فصيح يقول : لا إله إلا الله . [ ص: 210 ] عن
وروى هشام بن محمد بن السائب عن قال : كان لي عسيف من كلب يقال له عدي بن حاتم حابس بن دغنة فبينا أنا ذات يوم إذا به مروع الفؤاد فقال : دونك إبلك . فقلت : ما هاجك؟ فقال بينا أنا بالوادي إذا أنا بشيخ من شعب جبل تجاهي كأن رأسه رخمة فانحدر عما تزل عنه العقاب وهو مترسل غير منزعج حتى استقرت قدماه في الحضيض وأنا أعظم ما أرى فقال :
يا حابس بن دغنة يا حابس لا تعرضن لفعلك الوساوس
هذا سنا النور بكف قابس فاجنح إلى النور ولا تعابس
يا حابس اسمع ما أقول ترشد ليس ضلول حائر كمهتد
لا تتركن نهج الطريق الأقصد قد نسخ الدين بدين أحمد
وروى في الأخبار المنثورة عن ابن دريد قال : كان ابن الكلبي خنافر بن التوأم كاهنا ، فنزل واديا مخصبا وكان له رئي في الجاهلية ففقده في الإسلام قال : فبينا أنا ليلة في الوادي إذ هوى علي هوي العقاب قال خنافر : فقلت : شصار؟ قال : اسمع أقل . قلت : قل أسمع . قال : عه تغنم لكل ذي أمد نهاية ، وكل ذي ابتداء إلى غاية . قلت : أجل . قال : كل دولة إلى أجل ، ثم يتاح لها حول ، وقد انتسخت النحل ورجعت إلى حقائقها الملل ، إني آنست بالشام نفرا من آل العوام ، حكاما على الحكام ، يرددون ذا رونق من الكلام ، ليس بالشعر المؤلف . ولا السجع المتكلف ، فأصغيت فزجرت ، فعاودت فظلعت ، فقلت : بم تهينمون ، وإلام تعتزون ، فقالوا خطاب كبار . جاء من عند الملك الجبار ، فاسمع يا شصار ، لأصدق الأخبار ، واسلك واضح الأخيار ، تنج من أوار النار .
فقلت : وما هذا الكلام؟ قالوا : فرقان بين الكفر والإيمان . أتى به رسول الله من مضر ، ثم من أهل المدر ، ابتعث فظهر . فجاء بقول قد بهر ، وأوضح نهجا قد دثر ، فيه مواعظ لمن اعتبر . [ ص: 211 ]
قلت : ومن هذا المبعوث بالآي الكبر . قال : أحمد خير البشر ، فإن آمنت أعطيت الشبر ، وإن خالفت أصليت سقر ، فآمنت يا خنافر وأقبلت إليك أبادر فجانب كل نجس كافر ، وشايع كل مؤمن طاهر ، وإلا فهو الفراق . قال : فاحتملت حتى أتيت معاذ بن جبل بصنعاء فبايعته على الإسلام وفى ذلك أقول :
ألم تر أن الله عاد بفضله وأنقذ من لفح الجحيم خنافرا
دعاني شصار للتي لو دفعتها لأصليت جمرا من لظى الهول جائرا
يا أيها الناس ذوو الأجسام ومسندو الحكم إلى الأصنام
أكلكم أوره كالنعام ألا ترون ما أرى أمامي
من ساطع يجلو دجى الظلام ذاك نبي سيد الأنام
أعدل في حكم من الأحكام يصدع بالنور وبالإسلام
من هاشم في ذروة السنام مستعلن بالبلد الحرام
جاء بهدم الكفر بالإسلام أكرمه الرحمان من إمام
وروى عن ابن شاهين أبي خيثمة عبد الرحمن بن أبي سبرة قال : كان لسعد العشيرة صنم يقال له قراض يعظمونه وكان سادنه رجلا منهم يقال له ابن وقشة قال عبد الرحمن فحدثني ذباب بن الحارث قال : كان لابن وقشة رئي من الجن يخبر بما يكون فأتاه ذات ليلة فأخبره بشيء فنظر إلي فقال : يا ذباب اسمع العجب العجاب ، بعث محمد بالكتاب يدعو بمكة فلا يجاب . فقلت له ما هذا؟ قال : لا أدري كذا قيل لي . فلم يكن إلا قليل حتى سمعنا بمخرج النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وثرت إلى الصنم فكسرته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وقلت في ذلك :
تبعت رسول الله إذ جاء بالهدى وخلفت قراضا بدار هوان
ولما رأيت الله أظهر دينه أجبت رسول الله حين دعاني
الزرقاء ومعان وقد عرسنا إذا بفارس يقول وهو بين السماء والأرض : أيها النيام هبوا فليس هذا بحين رقاد ، وقد خرج أحمد وطردت الجن كل مطرد . ففزعنا ونحن رفقة حزاورة كلهم قد سمع بهذا ، فرجعنا إلى أهلنا فإذا هم يذكرون خروج النبي صلى الله عليه وسلم .
وروى الطبراني وأبو نعيم والبيهقي عن عبد الله العماني أن مازنا الطائي كان بأرض عمان ، وكان يسدن الأصنام لأهله ، وكان له صنم يقال له بادر . قال مازن : فعترت ذات يوم عتيرة ، وهي الذبيحة ، فسمعت صوتا من الصنم يقول : يا مازن أقبل إلي أقبل ، تسمع ما لا يجهل ، هذا نبي مرسل ، جاء بحق منزل ، فآمن به كي تعدل ، عن حر نار تشعل ، وقودها بالجندل .
قال مازن : فقلت والله إن هذا لعجب . ثم عترت بعد أيام عتيرة أخرى فسمعت صوتا أبين من الأول وهو يقول :
يا مازن اسمع تسر ، ظهر خير وبطن شر
بعث نبي من مضر بدين الله الكبر
فدع نحيتا من حجر تسلم من حر سقر
فقلت : هذا والله نبأ ما سمعت . فرحلت حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرح لي الإسلام فأسلمت وقلت :
كسرت بادر أجذاذا أو كان لنا ربا نطيف به ضلا بتضلال
بالهاشمي هدانا من ضلالتنا ولم يكن دينه مني على بال
يا راكبا بلغن عمرا وإخوتها أني لمن قال ربي بادر قالي
«اللهم أبدله بالطرب قراءة القرآن وبالحرام الحلال وأته بالحيا ، وهب له ولدا
. قال مازن :
فأذهب الله عني كل ما كنت أجد ، وأخصب عمان وتزوجت أربع حرائر ووهب لي حيان بن [ ص: 213 ] مازن وأنشأت أقول :
إليك رسول الله سقت مطيتي تجوب الفيافي من عمان إلى العرج
لتشفع لي يا خير من وطئ الثرى فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج
إلى معشر خالفت في الله دينهم فلا رأيهم رأيي ولا شرجهم شرجي
وكنت امرأ بالزغب والخمر مولعا شبابي حتى آذن الجسم بالنهج
فبدلني بالخمر خوفا وخشية وبالعهر إحصانا فحصن لي فرجي
فأصبحت همي في الجهاد ونيتي فلله ما صومي ولله ما حجي
وروى أبو سعد النيسابوري في الشرف عن جندل بن نضلة أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كان لي صاحب من الجن فأتاني فدهمني وقال :
هب فقد لاح سراج الدين بصادق مهذب أمين
فارحل على ناجية أمون تمشي على الصحصح والحزون
يا أيها الراكب المزجي مطيته نحو الرسول لقد وفقت للرشد
يا أيها الراقد في الليل الأجم قد بعث الله نبيا في الحرم
من هاشم أهل الوفاء والكرم يجلو دجنات الدياجي والظلم
يا أيها الهاتف في داجي الظلم أهلا وسهلا بك من طيف ألم
بين هداك الله في لحن الكلم ماذا الذي تدعو إليه تغتنم
الحمد لله الذي لم يخلق الخلق عبث
أرسل فينا أحمدا خير نبي قد بعث
صلى عليه الله ما حج له ركب وحث
وروى أبو سعد النيسابوري في الشرف عن الجعد بن قيس قال : خرجنا أربعة أنفس نريد الحج في الجاهلية ، فمررنا بواد من أودية اليمن ، فلما أقبل الليل استعذنا بعظيم الوادي وعقلنا رواحلنا فلما هدأ الليل ونام أصحابي إذا هاتف من بعض أرجاء الوادي يقول :
ألا أيها الركب المعرس بلغوا إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما
محمدا المبعوث منا تحية تشيعه من حيث سار ويمما
وقولوا له إنا لدينك شيعة بذلك أوصانا المسيح ابن مريما
وروى ابن جرير والطبراني وابن أبي الدنيا وأبو نعيم والخرائطي العباس بن مرداس السلمي رضي الله تعالى عنه قال : كان أول إسلامي أن أبي لما حضرته الوفاة أوصاني بصنم له يقال له ضمار فجعلته في بيت وجعلت آتيه كل يوم ، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم كنت في لقاح لي نصف النهار إذ طلعت علي نعامة بيضاء مثل القطن عليها راكب أبيض عليه ثياب بيض فقال :
يا عباس بن مرداس ألم تر أن السماء كفت حراسها ، وأن الحرب جرعت أنفاسها ، وأن الخيل وضعت أحلاسها ، وأن الذي جاء بالبر والتقى يوم الاثنين في ليلة الثلاثاء صاحب الناقة القصواء .
فخرجت مرعوبا قد راعني ما سمعت وما رأيت ، حتى جئت وثننا ضمار وكنا نعبده ونكلم من جوفه ، فدخلت فكنست ما حوله ثم تمسحت به وقبلته فإذا صائح من جوف الصنم بالليل وهو يقول . [ ص: 215 ]
قل للقبائل من سليم كلها هلك الأنيس وعاش أهل المسجد
أودى ضمار وكان يعبد مرة قبل الكتاب إلى النبي محمد
إن الذي ورث النبوة والهدى بعد ابن مريم من قريش مهتدي
بشر الجن وأبلاسها ، أن المطي قد وضعت أحلاسها ، وكلأت السماء حراسها .
قال : فوثبت مذعورا وعلمت أن محمدا مرسل .
وقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وأنشدته شعرا قلته وهو :
لعمرك إني يوم أجعل جاهلا ضمارا لرب العالمين مشاركا
وتركي رسول الله والأوس حوله أولئك أنصار له ما أولائكا
كتارك سهل الأرض والحزن يبتغي ليهلك في كل الأمور المهالكا
فآمنت بالله الذي أنا عبده وخالفت من أمسى يريد المهالكا
ووجهت وجهي نحو مكة قاصدا أبايع بين الأخشبين المباركا
نبي أتى من بعد عيسى بناطق من الحق فيه الفضل فيه كذلكا
أمين على الفرقان أول شافع وأول مبعوث يجيب الملائكا
تلاقي عرى الإيمان بعد انتفاضها فأحكمها حتى أقام المناسكا
إن الذي ورث النبوة والهدى بعد ابن مريم من قريش مهتدي
ثم يعرجان عليه ببولهما فعند ذلك يقول راشد :
أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب
وروى عن ابن الجوزي بشير الهذلي قال : خرجنا من عيراتنا إلى الشام فلما كنا بين الزرقاء ومعان وقد عرسنا من الليل إذا نحن بفارس يقول : أيها الناس هبوا فليس هذا بحين رقاد ، قد خرج أحمد وطرد الجن كل مطرد ، ففزعنا ونحن رفقة حزاورة كلهم قد سمع هذا فرجعنا إلى أهلينا فإذا هم يذكرون اختلافا بمكة بين قريش بسبب نبي قد خرج من بني عبد المطلب اسمه أحمد .
وروى الروياني عن وابن عساكر خريم بن فاتك ، والطبراني من طريق آخر عنه ، قال : بينا أنا في طلب نعم لي إذ جنني الليل بأبرق العذيب فناديت بأعلى صوتي : وابن عساكر
أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهائه ، وإذا هاتف يقول :
ويحك عذ بالله ذي الجلال منزل الحرام والحلال
ووحد الله ولا تبالي ما كيد ذي الجن من الأهوال
إن تذكر الله على الأميال وفي سهول الأرض والجبال
قد صار كيد الجن في سفال إلا التقى وصالح الأعمال
يا أيها الهاتف ما تقول أرشد عندك أم تضليل
هذا رسول الله ذو الخيرات جاء بياسين وحاميمات
وسور بعد مفصلات يأمر بالصلاة والزكاة
ويزجر الأقوام عن هنات قد كن في الأنام منكرات
فقال : أنا مالك بن مالك الجني .
وفي رواية الروياني عمرو بن أثال قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جن نجد فانبعثت راحلتي فقلت : [ ص: 217 ]
أرشدني راشد هديت لا جعت ولا عريت
ولا برحت سيدا مقيتا
قال فاتبعني وهو يقول :
صاحبك الله وسلم نفسكا وبلغ الأهل وأدى حلكا
آمن به أفلح ربي حقكا وانصره أعز ربي نصركا
فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما فعل الشيخ الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك إلى أهلك سالمة؟ أما إنه قد أداها إلى أهلك سالمة . قلت : رحمه الله . قال : أجل رحمه الله تعالى . عن
وروى الأموي والفاكهي عن وأبو نعيم ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قالا : وعبد الرحمن بن عوف لما ظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قام رجل من الجن على أبي قبيس فقال :
قبح الله رأي كعب بن فهر ما أرق العقول والأحلام
دينها أنها تعنف فيها دين آبائها الحماة الكرام
حالف الجن جن بصرى عليكم ورجال النخيل والآطام
توشك الخيل أن تروها تهادى تقتل القوم في حرام بهام
هل كريم منكم له نفس حر ماجد الوالدين والأعمام
ضارب ضربة تكون نكالا ورواحا من كربة واغتمام
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا شيطان يكلم الناس يقال له مسعر ولم يعلن شيطان بتحريض نبي إلا قتله الله تعالى .
فمكثوا ثلاثة أيام فإذا هاتف على الجبل يقول :
نحن قتلنا مسعرا لما طغى واستكبرا
وسفه الحق وسن المنكرا بشتمه نبينا المطهرا
قنعته سيفا جروفا أبترا إنا نذود من أراد البطرا
وروى ابن عساكر عن زميل ويقال زمل بن عمرو العذري ، قال : كان لبني عذرة صنم يقال له خمام ، وكانوا يعظمونه وكان سادنه يقال له طارق وكانوا يعترون عنده ، فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم سمعنا صوتا يقول : يا طارق يا طارق ، بعث النبي الصادق ، بوحي ناطق ، صدع صدعته بأرض تهامة ، لناصريه السلامة ولخاذليه الندامة ، هذا الوداع مني إلى يوم القيامة .
قال زمل : فوقع الصنم لوجهه . قال زمل : فابتعت راحلة ورحلت عليها حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفر من قومي فأنشدته شعرا قلته :
إليك رسول الله أعملت نصها أكلفها نصا وقوزا من الرمل
لأنصر خير الخلق نصرا مؤزرا وأعقد حبلا من حبالك في حبلي
وأشهد أن الله لا شيء غيره أدين له ما أثقلت قدمي نعلي
أنا صاحبه . فخرج إبليس فوجده بمكة فرجع إلى الشياطين فقال : قد وجد ومعه جبريل .
وروي أيضا عن قال : رن إبليس أربع مرات : حين لعن وحين أهبط وحين بعث النبي صلى الله عليه وسلم وحين أنزلت الحمد لله رب العالمين . مجاهد
والآثار في هذا الباب كثيرة .
تفسير الغريب
سواد : بفتح السين المهملة وواو مخففة فألف فدال مهملة . [ ص: 219 ]
قارب : بقاف فألف فراء مكسورة فموحدة .
الكاهن : الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار .
شهر أو شيعه : بشين معجمة مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة . فعين مهملة مكسورة يعني أو دونه بقليل .
يا سواد بن قارب : يجوز فتح سواد وضمه ونصب ابن وضمه وهو قليل .
تطلابها : بفتح المثناة الفوقية .
العيس : بعين مهملة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فسين مهملة ، وهي الإبل البيض مع شقرة واحدها أعيس وعيساء وهي منصوبة على أنها مفعول المصدر وهو الشد .
الصفوة : بتثليث الصاد ، وهو خلاصة الشيء ، وخياره ، والمراد النبي صلى الله عليه وسلم .
أنام : هذا جائز في جواب الأمر والأكثر أنم وكذا التي بعدها .
اعقل : بكسر القاف ، وكذا يعقل الثانية ، والوصل .
لؤي : بالهمز وتركه .
تخبارها : بمثناة فوقية مفتوحة .
ككفارها : بضم الكاف .
تجساسها : بتاء مفتوحة فوقية فجيم فسين فألف فسين أخرى مهملتين والتجسس : التفتيش عن بواطن الأمور .
الأحلاس : بحاء وسين مهملتين جمع حلس وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب .
ما خير : بتشديد الياء وتخفيفها ، ولا يجوز هنا للوزن .
رحلت ناقتي : بتخفيف الحاء أي جعلت عليها رحلها .
ثم أتيت المدينة : كذا في رواية . وفي رواية : حتى أتيت مكة . قال وهذه الثانية أقرب إلى الصحة من الأولى . البيهقي :
هات : بكسر التاء أي أعطني .
أنشأت : ابتدأت . [ ص: 220 ]
هدي : بهاء مفتوحة فدال مهملة ساكنة فهمزة . والهدي والهدأة بمعنى ، تقول : جاءني بعد هدي وبعد هدأة . أي بعد ثلث من الليل أو ربعه وبعد ما هدأ الناس أي ناموا .
بلوت : اختبرت . الذعلب : بذال معجمة مكسورة فعين مهملة ساكنة فلام مكسورة فموحدة وهي الناقة السريعة وكذا الذعلبة .
الوجناء : بواو مفتوحة فجيم ساكنة فنون فألف ممدودة وهي الغليظة الصلبة وقيل العظيمة الوجنتين .
السباسب : بسينين مهملتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة وبعد كل سين باء موحدة وهي المفازة أو الأرض المستوية .
أدنى : أقرب .
الوسيلة : ما يتقرب به إلى الغير .
آل ذريح : بذال معجمة مفتوحة فراء مكسورة فمثناة تحتية فحاء مهملة . قال السهيلي :
وكأنه نداء للعجل المذبوح كقولهم : أحمر ذريحي أي شديد الحمرة فصار وصفا للعجل الذبيح من أجل الدم . ومن رواه : «يا جليح» فمآله إلى هذا المعنى لأن العجل قد جلح أي كشف عنه الجلد .
وذكر قبله : يا جليح ونقل عن بعض أشياخنا أنه اسم شيطان ، والجليح في اللغة : ما تطاير من رءوس النبات وخف ، كالقطن وشبهه ، الواحدة جلحة ، ثم ذكر ما تقدم .
وقال في النهاية : جليح اسم رجل قد ناداه . ابن الأثير
العسيف : الأجير .
دغنة : بدال مهملة فغين معجمة فنون فهاء .
مروع الفؤاد : خائف القلب .
هاجك : فزعك وأثارك من مكانك .
الحضيض : القرار . من الأرض عند منقطع الجبل .
القابس : طالب النار .
خنافر : بخاء معجمة فنون فألف ففاء فراء .
شصار : بشين معجمة فصاد مهملة مخففة . [ ص: 221 ]
يتاح : يقدر .
حول : تحول .
انتسخت : زالت .
النحل : بكسر النون وفتح الحاء : الملل .
آنست : بمد الهمزة . أبصرت .
العدام . . . . الخفي .
الرونق : الحسن .
أصغيت : استمعت .
زجرت : بضم أوله من الزجر . تهينمون : الهينمة : الصوت الخفي .
إلام تعتزون : تنتسبون .
كبار : بضم الكاف يقال كبير وكبار بالتخفيف أي عظيم ، فإذا أفرط في العظم قيل : كبار . بالتشديد .
أوار النار : بضم الهمزة : حرها . المدر هنا : القرى والأمصار .
ابتعث : بباء موحدة ساكنة فمثناة فوقية مضمومة من البعث .
بهر : غلب غيره وفضله .
النهج : الطريق الواضح .
دثر : درس . الشبر : بشين معجمة فباء موحدة مفتوحات فراء : العطية .
شايع : فعل أمر : تابع وانصر .
الأوره : بهمزة مفتوحة فواو ساكنة فراء مفتوحة فهاء لا تاء : هو الحمق وقيل الخرق ورجل أوره وامرأة ورهاء ، وقد ورهت توره .
الكهام : بكاف مفتوحة فهاء مخففة : السيف الكليل . ولسان كهام أي عيي أو كليل لم يغن شيئا . وفرس كهام : أي بطيء- وكأن ذا في الأصل- والله تعالى أعلم- مأخوذ من هذا ، فيكون معنى الكلام : أكلكم أحمق أو أخرق عيي أو كليل لم يغن شيئا ، أو بطيء عن الحق .
الدجا : بدال مهملة مضمومة فجيم فألف الليل المظلم . [ ص: 222 ]
الذروة : بضم الذال المعجمة وكسرها أعلى الشيء .
بهد : بفتح الهاء وتشديد الدال .
فجأهم بغتة : بجيم مكسورة فهمزة مفتوحة أي جاءهم بغتة .
قراض : بقاف فراء مشددة فألف فضاد معجمة ساقطة .
ذباب : بلفظ الطائر المعروف .
مازن : بميم فألف فزاي فنون .
الغضوبة : بغين مفتوحة فضاد معجمة فواو ساكنة فموحدة مفتوحة فتاء تأنيث .
السادن : الخادم .
العتيرة : بعين مهملة مفتوحة فمثناة فوقية فتحتية ساكنة فراء فتاء تأنيث وهي شاة كانوا يذبحونها في رجب لأصنامهم .
تسر : بضم المثناة الفوقية وفتح السين المهملة مبني للمفعول .
الكبر : بضم الكاف وفتح الموحدة جمع كبرى ، وفي الكلام حذف مضاف محذوف تقديره شرائع دين الله الكبر .
أقبل إلي أقبل : بفتح الهمزة وكسر الموحدة فيهما .
ما لا يجهل : بالبناء للمفعول .
فآمن به : بمد الهمزة وكسر الميم ، من الإيمان .
يعدل : بالبناء للمفعول . وكذا تشعل .
وقودها : بفتح الواو ما توقد به النار كالحطب .
الجندل : بجيم مفتوحة فنون ساكنة فدال مهملة : الحجارة .
الجذاذ : بجيم مضمومة وتكسر وذالين معجمتين : أي قطعا وكسرا .
بادر : بباء موحدة وبعد الألف دال مهملة مكسورة ثم راء . قال في النور : كذا أحفظه .
ضلا : بضم الضاد المعجمة الساقطة . يقال للباطل ضل بتضلال .
عمرا : أراد به بني الصامت وإخوتها . [ ص: 223 ]
قال : مبغض وإثبات الياء فيه للوزن .
مولع : بفتح اللام أي مغرم به .
الهلوك : بفتح الهاء وضم اللام المخففة وآخره كاف . قال في الصحاح : الهلوك من النساء الفاجرة المتساقطة على الرجال فلا يقال رجل هلوك .
ألحت علينا السنون : أي دامت أيام الجدب .
الذراري : بفتح الياء وتشديدها .
الحيا : بفتح الحاء والقصر : المطر والخصب . ريا . بكسر الراء وتفتح .
العهر : بفتح العين المهملة وإسكان الهاء : الزنا .
حيان : بفتح الهاء المهملة وتشديد المثناة التحتية .
خبت : بخاء معجمة مفتوحة فباء موحدة مشددة فمثناة فوقية كما في عدة نسخ من العيون : من السير الخبب وهو دون الإسراع .
تجوب : بالجيم والموحدة : تقطع .
الفيافي : بفتح الفاء الأولى وكسر الثانية : الصحارى الملس واحدها فيفاء .
الفلج : بضم الفاء وإسكان اللام وهو الفوز والظفر .
الشرج : بشين معجمة فراء ساكنة فجيم ، يقال ليس هو من شرجه : أي ليس من طبيعته وشكله .
الرغب : بضم الراء وإسكان الغين المعجمة ثم موحدة سعة البطن وكثرة الأكل ، ويروى بالزاي المفتوحة فعين مهملة ساكنة فموحدة : يعني الجماع : قال في النهاية : وفيه نظر .
يقال زغب المرأة إذا جامعها فملأها منيا ، يزغبها كمنع يمنع .
آذن : بمد الهمزة : أعلم .
النهج : بفتح النون وإسكان الهاء وبالجيم : قال في النور : أي البلاء .
فلله ما صومي : ما في البيت مكررة زائدة في الموضعين ، وتقديره فلله صومي وحجي .
ناجية : سريعة .
أمون : أي مأمون .
الحزون جمع حزن : ما غلظ من الأرض . [ ص: 224 ]
المزجي : السائق .
المطية : البعير ، فعيلة بمعنى مفعولة لأنه يركب مطاه أي ظهره ، ذكرا كان أو أنثى .
الليل الأجم : الطويل .
دجنات الظلم : بضم الدال المهملة والجيم وتشديد النون جمع دجنة ، وهي الظلمة والدياجي : الليالي المظلمة .
الحبور : السرور .
السلمي : بضم السين المهملة .
ضمار : بضاد ساقطة معجمة مكسورة فميم مخففة فألف فراء مكسورة ، ووقع في بعض نسخ السيرة بضم الضاد .
أودى : بدال مهملة : هلك .
زميل : بالتصغير ويقال زمل بكسر الزاي وإسكان الميم وباللام .
العذري : بعين مهملة مضمومة فذال معجمة فراء فياء نسب .
خمام : بخاء معجمة مضمومة فميم مخففة .
الشرك : بالنصب مفعول والإسلام فاعل .
هالنا : أفزعنا .
أعمل الناقة : حثها وساقها .
نصها : بنون مفتوحة وصاد مهملة مشددة يقال نص في سيره : دفع وأسرع . والنص : منتهى الغاية .
الحزن : بحاء مهملة مفتوحة فزاي ساكنة فنون وهو ما غلظ من الأرض .
قوزا : بقاف مفتوحة فواو ساكنة فزاي وهو الكثيب الصغير ، عند أبي عبيدة ، والجمع أقواز وقيزان . وفي النهاية : القوز بالفتح : العالي من الرمل كأنه جبل .
حبلا : بالحاء المهملة واحد الحبال قال في النور : والظاهر أن مراده العهد والميثاق فإنهما يقال لهما حبل .
أدين له : بفتح الهمزة وكسر الدال : أطيع وأخضع . [ ص: 225 ]